م/ ومن شروطها: فعلها في وقتها.
أي: يشترط لصحة صلاة الجمعة شروطاً منها فعلها في وقتها لقوله تعالى (إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً) فلا تصح قبل الوقت ولا بعدها، واختلفوا في بداية وقتها، مع اتفاقهم على أن آخر وقتها كالظهر:
القول الأول: أن وقتها كالظهر [بعد الزوال].
وهذا مذهب الجمهور.
قال النووي: "قال مالك، وأبو حنيفة، والشافعي، وجماهير العلماء من الصحابة والتابعين وممن بعدهم، لا تجوز الجمعة إلا بعد زوال الشمس".
لحديث أنس بن مالك قال: (إن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يصلي الجمعة حين تميل الشمس). رواه البخاري
وسلمة بن الأكوع قال: (كنا نجَمّع مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا زالت الشمس).
ولحديث عائشة قالت: (كان الناس مهنة أنفسهم، وكانوا إذا راحوا للجمعة راحوا في هنيهم، فقيل لهم: لو اغتسلتم).
وجه الدلالة: أن الرواح ما بعد الزوال.
القول الثاني: يجوز قبل الزوال (من ارتفاع الشمس قيد رمح).
وهذا من مفردات المذهب.
لحديث سهل بن سعد: (ما كنا نقيل ولا نتغدى إلا بعد الجمعة).
قال الشوكاني: "وجه الاستدلال به أن الغداء والقيلولة محلها قبل الزوال، وفي الحديث أنهم كانوا يصلون الجمعة قبلها".
الغداء: هو طعام أول النهار، قال ابن قتيبة: " لا يسمى غداء ولا قائلة إلا بعد الزوال ".
فكانوا يبدؤون بصلاة الجمعة قبل القيلولة.
ولحديث عبد الله بن سبدان قال: (شهدت الجمعة مع أبي بكر فكانت خطبته وصلاته قبل نصف النهار، ثم شهدتها مع عمر، فكانت صلاته وخطبته على أن أقول انتصف النهار، ثم شهدتها مع عثمان، فكانت صلاته وخطبته إلى أن أقول زال النهار، فما رأيت أحداً عاب ذلك ولا أنكره). رواه الدارقطني
وعن جابر قال (إن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يصلي الجمعة، ثم نذهب إلى جمالنا فنريحها حتى تزول الشمس، يعني النواضح). رواه مسلم
وجه الدلالة: أن جابراً ذكر أنهم يصلون الجمعة ثم يذهبون إلى جمالهم فيريحونها عند الزوال، فدل على أنهم يصلون قبله.
القول الثالث: أنه يبدأ من الساعة السادسة، قبل الزوال بساعة.
وهذه رواية عن أحمد، اختارها ابن قدامة صاحب المغني، واختارها الشيخ ابن عثيمين.
لحديث أبي هريرة: (من راح في الساعة الأولى … إلى أن قال: ثم الخامسة، فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة .. )
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " فيكون حضور الإمام على مقتضى الحديث الساعة السادسة ".