للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

م/ ثم يقوم فيخطب ثم يجلس ثم يخطب الخطبة الثانية ثم تقام الصلاة.

أي: يستحب للخطيب بعد ذلك أن يقوم ويخطب ثم يجلس بين الخطبتين ثم يقوم يخطب الثانية.

وَعَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا قال (كَّان اَلنَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- يَخْطُبُ قَائِمًا، ثُمَّ يَجْلِسُ، ثُمَّ يَقُومُ فَيَخْطُبُ قَائِمًا، فَمَنْ أَنْبَأَك أَنَّهُ كَانَ يَخْطُبُ جَالِسًا، فَقَدْ كَذَبَ). أخْرَجَهُ مُسْلِمٌ

ولحديث ابن عمر قال (كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يخطب يوم الجمعة قائماً ثم يجلس ثم يقوم، كما تفعلون اليوم) متفق عليه.

• ففي هذه الأحاديث استحباب الجلوس بين الخطبتين، وقد اختلفوا في حكم هذه الجلسة على قولين:

القول الأول: أنه سنة، وهذا مذهب جماهير العلماء.

قال في المغني: "ويستحب أن تجلس بين الخطبتين جلسة خفيفة وليست واجبة في قول أكثر أهل العلم".

للأحاديث السابقة، وهو واضح الدلالة.

القول الثاني: أنها واجبة، وهو قول الشافعي.

لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يجلسها وقد قال: (صلوا كما رأيتموني أصلي)، والراجح القول الأول.

• واختلف العلماء في مقدار الجلسة بين الخطبتين:

فقيل: بقدر قراءة سورة الإخلاص، وبه قال الشافعية، وقيل: بقدر قراءة ثلاث آيات، وقيل: بقدر الجلسة بين السجدتين، والراجح أن التقييد ليس عليه دليل، وأنه لا تقدير لها، وأنها جلسة خفيفة للاستراحة والفصل بين الخطبتين.

• الحكمة من الجلوس بين الخطبتين: قيل: للفصل بين الخطبتين، وقيل: للراحة، ورجح الحافظ ابن حجر القول الأول.

• وفي الأحاديث السابقة مشروعية أن يكون الخطيب قائماً، ولأن خطبته وهو قائم أشد في وعظه، وأبلغ في إيصال الكلام، لا سيما عند عدم مكبرات الصوت، وقد اختلف في وجوبه:

القول الأول: أنه واجب، وبهذا قال أكثر المالكية.

للأحاديث السابقة، فإنه يدل على مواظبة النبي -صلى الله عليه وسلم- على القيام حال الخطبة.

القول الثاني: أن القيام سنة، وبهذا قال الحنفية والحنابلة وبعض المالكية، واستدلوا:

أن رجالاً أتوا سهل بن سعد الساعدي وقد اقتادوا في المنبر ممَّ عوده؟ فسألوه، فقال: (إني لأعرف مما هو، الحديث … أرسل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى فلانة - امرأة سماها سهل - مري غلامك النجار أن يعمل لي أعواداً أجلس عليهن إذا كلمت الناس … ). متفق عليه

الشاهد قوله: (أجلس عليهن … )، لكن يحتمل أن تكون الإشارة إلى الجلوس أول ما يصعد، وبين الخطبتين.

ولحديث أبي سعيد الخدري قال: (إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جلس ذات يوم على المنبر وجلسنا حوله … ). رواه البخاري، وهذا يجاب عنه أنه في غير خطبة الجمعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>