أي: والسنة أن تصلى صلاة العيد في الصحراء، وينبغي أن تكون قريبة من البلد حتى لا يشق على الناس.
عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال:(كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يخرج يوم الفطر والأضحى إلى المصلى فأول شيء يبدأ به الصلاة، ثم ينصرف ويقوم مقابل الناس والناس جلوس على صفوفهم).
وعن عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- قال:(كان رسول -صلى الله عليه وسلم- يغدو إلى المصلى في يوم العيد والعنزة تحمل بين يديه، فإذا بلغ المصلى نصبت بين يديه فيصلي، وذلك أن المصلى كان فضاء ليس فيه شيء يستتر فيه) رواه الشيخان
قال النووي:"هذا دليل لمن قال باستحباب الخروج لصلاة العيد إلى المصلى، وأنه أفضل من فعلها في المسجد، وعلى هذا عمل الناس في معظم الأمصار".
قال الحافظ ابن حجر:"واستدل به على استحباب الخروج إلى الصحراء لصلاة العيد، وأن ذلك أفضل من صلاتها في المسجد لمواظبة النبي -صلى الله عليه وسلم- على ذلك مع فضل مسجده".
ولأن ذلك أوقع لهيبة الإسلام وأظهر لشعائر الدين، ولا مشقة في ذلك لعدم تكررها بخلاف الجمعة.
أن هذا الحكم حتى في المدينة، فإنه يشرع لأهل المدينة الخروج إلى المصلى.
قال الموفق:"ولنا أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يخرج إلى المصلى ويدع مسجده، وكذلك الخلفاء بعده، ولا يترك النبي -صلى الله عليه وسلم- الأفضل مع قربه، ويتكلف فعل الناقص مع بعده، ولا يشرع لأمته ترك الفضائل، ولأننا قد أمرنا باتباع النبي -صلى الله عليه وسلم- والاقتداء به، ولا يجوز أن يكون المأمور به هو الناقص، والمنهي عنه هو الكامل، ولم ينقل عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه صلى العيد بمسجده إلا من عذر، ولأن هذا إجماع المسلمين، فإن الناس في كل عصر ومصر يخرجون إلى المصلى، فيصلون العيد في المصلى مع سعة المسجد وضيقه، وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يصلي في المصلى مع شرف مسجده، وصلاة النفل في البيت أفضل منها في المسجد مع شرفه".
استثنى جمهور العلماء مكة المكرمة، فقالوا: تصلى في المسجد الحرام، والحكمة والله أعلم أن الصلاة في الصحراء في مكة ضيقة، لأنها جبال وأودية، فيشق على الناس أن يخرجوا، فلهذا كانت صلاة العيد في المسجد الحرام.