(وَمَا كَانَ مِنْ خَلِيطَيْنِ فَإِنَّهُمَا يَتَرَاجَعَانِ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ).
أي: أن الخلطة مؤثرة وتجعل المالين مال واحد.
للحديث الذي ذكره المصنف - رحمه الله - (وَمَا كَانَ مِنْ خَلِيطَيْنِ فَإِنَّهُمَا يَتَرَاجَعَانِ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ).
مثال: عندي غنم، وأنت عندك غنم، والثالث عنده غنم، والرابع عنده غنم، وخلطناها جميعاً، فتجعل المالين كالمال الواحد، لكن تكون الخلطة مؤثرة بشروط:
الشرط الأول: أن يكون الخليطان من أهل الزكاة (بأن يكونا مسلمين حرين، فلو كان أحدهما مسلم والآخر ذمي، فإنه لا أثر لخلطة غير المسلم، لأن الزكاة غير واجبة على الذمي أصلاً.
الشرط الثاني: أن يختلطا في نصاب، بأن يكون مجموع ماليهما يبلغ نصاباً (كأربعين من الغنم).
الشرط الثالث: أن تكون الخلطة في السائمة (وهذا المشهور من مذهب الحنابلة) فلو اختلطا في زرع أو في عروض أو أثمان فإنه لا أثر لهذه الخلطة.
الشرط الرابع: أن يختلطا في الأوصاف التي ذكرها العلماء، وهي:
الاشتراك في الفحل: أي فحل المالين واحد، فلو كان مال زيد له فحل ومال عمرو له فحل فالخلطة غير مؤثرة.
الاتفاق في المسرح: أي يسرحن جميعاً ويرجعن جميعاً.
المحلب: أي المكان الذي تحلب فيه يكون واحداً.
المرعى: أي يكون المرعى لها جميعاً فليس غنم هذا في شعبة الوادي الشرقية، والثاني في الشعبة الغربية.
المراح: أي يكون المراح جميعاً، فلا يكون غنمي لها مراح وحدها، وغنمك لها مراح وحدها.
فهذه إذا اشتركت في هذه الأشياء الخمسة، فإن الخلطة هنا تصير المالين كالمال الواحد، وأما إذا تميز مال كل منهما عن الآخر في شيء من هذه الأوصاف فإنه لا يحصل تمام الارتفاق، وإذا لم يحصل تمام الارتفاق فإنه لا يكون مالهما كالمال الواحد.
الشرط الخامس: أن يختلطا في جميع الحول - وهذا الشرط بالإجماع - فلو اختلطا في بعض الحول أو افترقا في بعض الحول فإنه لا أثر لهذه الخلطة، لأن إيجاب الزكاة معلقة بالخلطة، فإذا عدمت الخلطة عدِم وجوب الزكاة، وإذا عدم في بعض الحول سقطت الزكاة.
• ذكرتُ قبل قليل أن الخلطة مؤثرة في السائمة فقط على ما هو المشهور من مذهب الحنابلة، وذهب بعض العلماء إلى أن الخلطة تؤثر في جميع الأموال، فلو خلط شخصان ماليهما - ومال كل واحد منهما لا يبلغ نصاباً - لكنهما يبلغان نصاباً إذا اجتمعا، فإن الخلطة تكون مؤثرة وتجب الزكاة على هذا القول، قياساً على السائمة بجامع الارتفاق، والله أعلم.