للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

م/ لِأَنَّ اَلشَّارِعَ لَمْ يَشْتَرِطْ فِي جَمِيعِ غَسْلِ اَلنَّجَاسَاتِ عَدَدًا إِلَّا فِي نَجَاسَةِ اَلْكَلْبِ، فَاشْتَرَطَ فِيهَا سَبْعَ غَسْلَاتٍ، إِحْدَاهَا بِالتُّرَابِ. [فِي اَلْحَدِيثِ اَلْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ]

أي إلا نجاسة الكلب فإنها تغسل سبع مرات، فلو أن الكلب ولغ في إناء فإنه يغسل سبع مرات إحداهن بالتراب.

لحديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسله سبع مرات). متفق عليه ولمسلم: (أولاهن بالتراب).

طُهور: بضم الطاء؛ مُطَهِّر.

إذا ولغ: أي إذا شرب أو أدخل طرف لسانه وحركه، فالولوغ: أن يدخل لسانه في المائع فيحركه، فإن كان فارغاً قيل: لحسه.

• قوله المصنف (إحداها بالتراب) هذه جاءت في رواية، وجاء في رواية للترمذي (أخراهن) وعند مسلم (أولاهن بالتراب) وهذه الرواية أرجح الروايات لأسباب

أولاً: لكثرة رواتها.

ثانياً: ومن حيث المعنى: لأن تتريب الأولى يجعل ما بعدها من الماء مزيلاً لأثر التراب، بخلاف ما لو كان في السابعة مثلاً فإنه يحتاج إلى غسلة أخرى لتنظيفه.

• لا بد من التراب، فلا يقوم غير التراب مقام التراب، لأن الشارع نص عليه، ولأن في التراب مادة تقتل الجراثيم التي تخرج من لعاب الكلب.

• قوله (الكلب) (ال) في الكلب للاستغراق، فيشمل جميع أنواع الكلاب، وعليه فلا فرق بين الكلب المأذون فيه ككلب الصيد وحراسة الماشية والزرع، وغير المأذون فيه وهو ما عداها.

• ذهب جمهور العلماء إلى أن نجاسة الكلب لا بد فيها من سبع غسلات إحداهن بالتراب، سواء كانت نجاسته بولوغ، أو بول، أو روث، أو غيرها، والنبي -صلى الله عليه وسلم- نص على الولوغ لأنه هو الغالب، إذ أن الكلب لا يجعل بوله وروثه في الأواني، وما خرج مخرج الغالب فلا مفهوم له.

وذهب بعض العلماء: أن الغسل سبعاً خاص بنجاسة الولوغ، أما بوله وروثه ودمه وعرقه؛ فكسائر النجاسات، وهذا قول الظاهرية، واختاره الشوكاني.

وقول الجمهور أحوط.

• ذهب بعض العلماء إلى أن الخنزير يقاس على الكلب فتغسل نجاسته سبعاً كالكلب.

لأن النص ورد في الكلب، والخنزير شرٌّ منه وأغلظ منه، لأن الشارع نص على تحريمه وحرمة اقتنائه، وإنما لم ينص الشارع عليه لأنهم لم يكونوا يعتادونه.

والصحيح أنه لا يقاس على الكلب لسببين:

الأول: لأن النص ورد في الكلب.

الثاني: أن الخنزير مذكور في القرآن وموجود في عهد الرسول -صلى الله عليه وسلم-، ولم يرد إلحاقه بالكلب.

ورجح هذا النووي، وقال: " واعلم أن الراجح من حيث الدليل أنه يكفي غسلة واحدة بلا تراب، وبه قال أكثر العلماء الذين قالوا بنجاسة الخنزير، وهذا هو المختار، لأن الأصل عدم الوجوب حتى يرد الشرع، لا سيما في هذه المسألة المبنية على التعبد ".

<<  <  ج: ص:  >  >>