للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

م/ وَالسِّبَاعُ كُلُّهَا نَجِسَةٌ.

السباع - كالأسد والنمر والذئب وغيرها - نجسة، فلو أن ذئباً شرب من إناء، وبقي بعد شربه شيء من الماء، فإنه نجس

لحديث ابن عمر قال، سمعتُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو يسأل عن الماء يكون في الفلاة من الأرض وما ينوبه من السباع والدواب فقال (إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث) رواه أبو داود وهو حديث صحيح. [وما ينوبه: أي يرد عليه نوبة بعد أخرى]

قالوا: لو كانت طاهرة لم يحده بالقلتين.

قال المجد ابن تيمية في المنتقى: حديث ابن عمر في القلتين يدل على نجاستها، وإلا يكون التحديد بالقلتين في جواب السؤال عن ورودها على الماء عبثاً.

وقال -صلى الله عليه وسلم- في الحمر الأهلية يوم خيبر (إنها رجس).

وذهب بعض العلماء إلى طهارتها تمسكاً بالأصل.

وللحديث الذي رواه ابن ماجه (أن النبي -صلى الله عليه وسلم- سئل عن الحياض التي تكون بين مكة والمدينة وما يرد إليها من السباع فقال: لها ما شربت في بطونها، ولنا ما غبر طهور) أي ما بقي طهور.

وقالوا: إن معنى قوله (إنها رجس) أي المراد لحمها.

وذهب بعض العلماء إلى طهارة البغل والحمار واختار هذا القول ابن قدامة، ورجحه السعدي والشيخ ابن باز والشيخ ابن عثيمين رحم الله الجميع.

قال في المغنى: " والصحيح عندي: طهارة البغل والحمار، لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يركبها وتُركب في زمنه وفي عصر الصحابة، فلو كان نجساً لبيّن النبي -صلى الله عليه وسلم- ذلك، ولأنهما مما لا يمكن التحرز منهما لمقتنيهما، فأشبها السنور ".

وقال الشيخ السعدي: " والصحيح الذي لا ريب فيه أن البغل والحمار طاهران في الحياة كالهر، فيكون ريقهما وعرقُهُما طاهراً، وذلك أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يركبهما كثيراً، ويركبان في زمنه، ولا يُمكن المستعمل لهما التحرز من ذلك، فلم يغسِل ما أصابه منهما، ولا أمر بذلك، وقد قال -صلى الله عليه وسلم- في الهرة: إنها ليست بنجس، إنها من الطوافين عليكم والطوافات، فعلّل بكثرة طوفانها ومشقة التحرز منها، ومن المعلوم أن المشقة في الحمار والبغل أشد من ذلك، وقد اعتبر الشارع المشقة في أمور كثيرة من الشرع وعفا عنها، مع قيام المقتضي للمنع لأجل المشقة، وأما قوله -صلى الله عليه وسلم-: إنها رجس، فنعم هو كما قال -صلى الله عليه وسلم-: لحومها خبيثة وأكلها خبيث، والقدور التي تطبخ فيها أو تُباشر لحومها خبيثة، وأما العرق والريق والشعر، فلم يدل الحديث عليه بوجهٍ، فالنبي -صلى الله عليه وسلم- أمر باجتناب لحومها، وأخبر عن خبثها، ورخص في استعمالها وركوبها، ولم يأمر بالتحرز من ذلك، فهذا هو الصواب ".

• فقول المصنف (والسباع نجسة) نخرج الحمار الأهلي والبغل، وكذلك الهرة، لحديث أبي قتادة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال في الهرة (إنها ليست بنجس، إنها من الطوافين عليكم والطوافات) رواه أبو داود.

<<  <  ج: ص:  >  >>