للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

م/ وهي خاصة في العقار الذي لم يقسم لحديث جابر قال (قضى النبي -صلى الله عليه وسلم- في كل ما لم يقسم، فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة) متفق عليه.

ذكر المصنف - رحمه الله - أن الشفعة خاصة بالعقارات، وهذا لا خلاف فيه، واختلف العلماء في الشفعة للجار على أقوال:

القول الأول: لا تثبت الشفعة للجار.

وهذا قول جمهور العلماء.

لحديث جابر السابق (قضى النبي -صلى الله عليه وسلم- في كل ما لم يقسم، فإذا وقعت الحدود .... ).

وجه الاستدلال: أن الحديث دل على إثبات الشفعة في غير المقسوم، ونفيها بعد القسمة لوقوع الحدود وتصريف الطرق، والحدود بين الجارين واقعة، والطرق مصروفة، فتكون الشفعة منتفية.

قالوا: ولأن الشفعة تثبت للشريك نظراً لوجود الضرر اللاحق بالشركة، أما إذا قسمت الأرض فلا شفعة لانتفاء الضرر.

القول الثاني: تثبت الشفعة للجار مطلقاً.

وهذا قول أبي حنيفة.

لحديث أبي رافع قال: قال -صلى الله عليه وسلم- (الجار أحق بصقبه) رواه البخاري. الصقب بفتح الصاد والقاف هو القرب والملاصقة.

القول الثالث: أن الشفعة تثبت للجار إذا كان له مع جاره مرافق مشتركة من طريق واحد، أو حوش، أو مسيل، أو بئر مشتركة، ولا تثبت إذا لم يكن شيء من ذلك.

وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم.

لحديث جابر. قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (الجار أحق بشفعة جاره ينتظر بها وإن كان غائباً إذا كان طريقهما واحداً) رواه أبوداود.

قالوا: ولأن الاشتراك في المرافق كالاشتراك في الملك بسبب كثرة المخالطة، ووجود الضرر بين الشركاء، وقد يؤدي ذلك إلى حصول النزاع فيما بينهم، والشفعة شرعت لإزالة الضرر.

وهذا القول هو الراجح.

• في قوله في حديث جابر (قضى النبي -صلى الله عليه وسلم- في كل ما لم يقسم … ) استدل به بعض العلماء على أن الشفعة لا تثبت في المنقولات، كالسيارات، والكتب، والحيوانات ونحوها.

وجه الدلالة: قالوا: إن النبي -صلى الله عليه وسلم- قصر الشفعة على ما هو عقار وليس بمنقول، بقرينة وقوع الحدود وتصريف الطرق، وهذا مما يختص بالعقار.

وقالوا: ولأن الضرر في المنقول ضرر يسير، ثم هو عارض لا يتأبد.

القول الثاني: أن الشفعة تثبت في المنقول ولا تختص بالعقار.

وهذا قول الظاهرية واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم والشيخ ابن باز.

لعموم (قضى النبي -صلى الله عليه وسلم- بالشفعة في كل شيء) فإنه يتناول العقار والمنقول.

ولأن حق الشفعة لم يثبت إلا لدفع الضرر، والضرر كما يوجد ويتوقع في العقار، كذلك يوجد ويتوقع في المنقول، بل قد يكون في المنقول أشد.

وهذا القول هو الراجح.

<<  <  ج: ص:  >  >>