ثالثاً: البكر البالغ، فهنا اختلف العلماء على قولين:
القول الأول: لا يجب إذنها، وإنما يستحب، فيجوز للأب إجبارها.
وهذا مذهب مالك والشافعي وأحمد.
واستدلوا بحديث الباب بالمفهوم، لأنه جعل الثيب أحق بنفسها من وليها، فدل على أن ولي البكر أحق بها منها.
وأما الاستئذان فهو تطييب لخاطرها.
القول الثاني: يجب استئذانها ولا تجبر على النكاح.
وهذا مذهب أبي حنيفة والثوري وابن المنذر.
واستدلوا بالحديث (لا تنكح البكر حتى تستأذن) فعلق النبي -صلى الله عليه وسلم- النكاح على الإذن، فدل على أنه واجب.
ورواية (والبكر يستأذنها أبوها في نفسها) وهذا نص في محل النزاع.
وعن ابن عباس: (أن جارية أتت النبي -صلى الله عليه وسلم- فذكرت أن أباها زوجها وهي كارهة، فخيرها النبي -صلى الله عليه وسلم-. رواه أبو داود
ففي هذا الحديث أن النبي -صلى الله عليه وسلم- ردّ نكاح البكر التي زوجها أبوها وهي كارهة، فدل على أن إذن البكر لا بد منه في النكاح، وهذا الحديث مختلف فيه، وقد صححه ابن القيم.
وهذا القول هو الراجح.
ورجحه ابن القيم، وقال: وهو الذي ندين الله به، ولا نعتقد سواه، وهو الموافق لحكم الرسول -صلى الله عليه وسلم- وأمره ونهيه وقواعد شريعته ومصالح أمته.
• أما غير الأب، فلا يجوز له أن يزوج البكر الكبيرة بالاتفاق.