للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

م/ وَأَكَلُ لَحْمِ اَلْجُزُورِ.

وهذا الناقض من مفردات مذهب الحنابلة، واختاره ابن المنذر، وذهب إليه أهل الحديث.

لحديث جابر بن سمرة قال: (أن رجلاً سأل النبي -صلى الله عليه وسلم-: أتوضأ من لحوم الغنم؟ قال: إن شئت، قال: أتوضأ من لحوم الإبل؟ قال: نعم). رواه مسلم

ولحديث البراء قال: (سئل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الوضوء من لحوم الإبل؟ فقال: توضئوا منها، وسئل عن الصلاة في مبارك الإبل؟ فقال: لا تصلوا في مبارك الإبل). رواه أبو داود

قال ابن خزيمة: " لم أر خلافاً بين علماء الحديث أن هذا الخبر صحيح من جهة النقل لعدالة ناقليه ".

وذهب جمهور العلماء إلى أن لحم الجزور لا ينقض الوضوء.

لحديث جابر قال: (كان آخر الأمرين من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ترك الوضوء مما مست النار). رواه أبو داود

ولحديث ابن عباس مرفوعاً: (الوضوء مما يخرج لا مما يدخل).

والراجح القول الأول، والجواب عن حديث جابر فهو عام، وأحاديث نقض الوضوء خاصة، والخاص يقضي على العام.

وأما حديث ابن عباس فالصحيح أنه موقوف.

قوله (وأكل لحم) يدل على أنه لا فرق بين قليله وكثيره، كما أنه يشمل المطبوخ والمشوي والنيء، لأنه لحم.

قوله (لحم جزور) المشهور من المذهب أن الحكم خاص باللحم وهو الهبر، بخلاف الكرش والكبد والشحم والأمعاء ونحوها، فإن هذه الأشياء لا تدخل تحت مسمى اللحم.

وهذا اختيار الأكثر، واختاره الشيخ محمد بن إبراهيم، والشيخ ابن باز.

وذهب بعض العلماء إلى أن الحكم عام، فالكل ينقض.

واختاره السعدي، والشيخ ابن عثيمين، واستدلوا:

١ - أن اللحم في اللغة يشمل جميع الأجزاء، بدليل قوله تعالى: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ) فلحم الخنزير يشمل كل ما في جلده.

٢ - أن في الإبل أجزاء كثيرة قد تقارب الهبر، ولو كانت غير داخلة؛ لبيَّن ذلك الرسول -صلى الله عليه وسلم- لِعِلمهِ أن الناس يأكلون الهبر وغيره.

٣ - أنه ليس في شريعة محمد -صلى الله عليه وسلم- حيوان تتبعض أجزاؤه حلاً وحرمة، وطهارة ونجاسة، وسلباً وإيجاباً، وإذا كان كذلك فلتكن أجزاء الإبل كلها واحدة.

وهذا القول هو الراجح.

أما اللبن، فلا ينقض الوضوء، وهذا مذهب أكثر العلماء.

لأن الحديث إنما ورد في اللحم.

أن الأصل عدم النقض حتى يثبت أنه ناقض.

وأما حديث: (توضئوا من ألبان الإبل) فهو حديث ضعيف رواه ابن ماجه وغيره.

• واختلف في الحكمة من الوضوء من لحم الإبل:

فقيل: تعبدية.

قيل: معللة، وهي ما جاء في حديث البراء: (فإنها خلقت من الشياطين). رواه أبو داود

<<  <  ج: ص:  >  >>