م/ وقالت عائشة (كان رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- إذا أراد سفراً أقرعَ بين نسائهِ، فأيتَهُنَّ خرج سهْمُها خرج بها) متفق عليه.
ذكر المصنف - رحمه الله - حديث عائشة ليستدل به على أن الرجل إذا أراد السفر بإحدى نسائه أن يقرع بينهن، فمن خرجت لها القرعة سافر بها، لأن السفر ببعضهن من غير قرعة فيه تفضيل وميل، وهذا لا يجوز.
والقول بالوجوب هو الحق، وأنه يجب على الزوج أن يقرع بينهن.
• أما بالنسبة للنبي -صلى الله عليه وسلم- فمن قال: بوجوب القسم عليه فالأمر واضح، ومن قال: إن القسم ليس واجباً عليه قال: إن هذه القرعة من مكارم أخلاقه، ولطف شمائله، وحسن معاملته.
• إن رضين بخروج إحداهن معه بلا قرعة فلا بأس، لأن الحق لهن، إلا أن لا يرضى الزوج، ويريد غير من اتفقن عليها، فيصار إلى القرعة، وكذا لو كان كثير الأسفار، وأراد أن يجعل لكل واحدة سفرة فإنه يجوز، لأن هذا حق متميز لا خفاء فيه.
• إذا سافر بإحدى نسائه لم يلزمه القضاء للحاضرات بعد قدومه، بل يبدأ قسماً جديداً، لأن عائشة لم تذكر أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- كان يقضي للباقيات بعد قدومه.
• الحديث دليل على العمل بالقرعة، وقد ذكرت القرعة في موضعين من القرآن:
قال تعالى (فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ).
وقال تعالى (وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ).
وجاءت في أحاديث كثيرة: منها الحديث السابق.
وحديث (لو يعلمون ما في الصف الأول لكانت قرعة) رواه مسلم.
قال أبو عبيد: وقد عمل بالقرعة ثلاثة من الأنبياء: يونس، وزكريا، ونبينا محمد -صلى الله عليه وسلم-.
وقال الإمام أحمد: أقرع النبي -صلى الله عليه وسلم- في خمسة مواضع وهي في القرآن في موضعين.
والقرعة يعمل بها: عند التساوي في الاستحقاق وعدم إمكان الجمع، قال ابن القيم: الحقوق إذا تساوت على وجه لا يمكن التمييز بينها إلا بالقرعة صح استعمالها فيها.