من أهل فلسطين من أشرافهم وخيارهم، يعرفون ذلك له، يقال له: هانئ بن كلثوم بن شريك الكناني، فسلم على عبد الله بن أبي زكريا، وكان يعرف له حقه. قال لنا خالد: فحدثنا عبد الله بن أبي زكريا؛ قال: سمعت أم الدرداء تقول: سمعت أبا الدرداء رضي الله عنه يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «كل ذنب عسى الله أن يغفره؛ إلا من مات مشركًا، أو مؤمنًا قتل مؤمنًا متعمدًا» .
فقال هانئ بن كلثوم: سمعت محمود بن الربيع يحدث عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه: أنه سمعه يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه قال: «من قتل مؤمنًا، فاعتبط بقتله؛ لم يقبل الله منه صرفًا ولا عدلًا» . قال لنا خالد: ثم حدثنا ابن أبي زكريا عن أم الدرداء عن أبي الدرداء رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا يزال المؤمن معنقًا صالحًا ما لم يصب دمًا حرامًا، فإذا أصاب دمًا حرامًا؛ بلح» . وحدث هانئ بن كلثوم عن محمود بن الربيع عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله سواء.
رواه أبو داود، وإسناده جيد.
ثم روى أبو داود عن خالد بن دهقان: سألت يحيى بن يحيى الغساني عن قوله: "اعتبط بقتله"؟ قال: الذين يقاتلون في الفتنة، فيقتل أحدهم، فيرى أنه على هدى، فلا يستغفر الله تعالى؛ يعني: من ذلك.
قال ابن الأثير في "النهاية": "وهذا تفسير يدل على أنه من الغبطة؛ بالغين المعجمة، وهي الفرح والسرور وحسن الحال؛ لأن القاتل يفرح بقتل خصمه، فإذا كان المقتول مؤمنا، وفرح بقتله؛ دخل في هذا الوعيد".
وقال الخطابي في "معالم السنن": "قوله: "فاعتبط قتله"؛ يريد أنه قتله ظلما لا عن قصاص، يقال: عبطت الناقة واعتبطتها: إذا نحرتها من غير داء أو آفة تكون بها، ومات فلان عبطة: إذا كان شابا واحتضر قبل أوان الشيب والهرم،