«وخلت عليه البلاد، فأرسل ربك عز وجل السماء تهضب من عند العرش، فلعمر إلهك؛ ما تدع على ظهرها من مصرع قتيل ولا مدفن ميت إلا شقت القبر عنه حتى تخلفه من عند رأسه، فيستوي جالسا، فيقول ربك: مهيم؟ لما كان فيه. يقول: يا رب! أمس، اليوم. ولعهده بالحياة يحسبه حديثا بأهله".
فقلت: يا رسول الله! كيف يجمعنا بعدما تمزقنا الرياح والبلى والسباع؟! قال: "أنبئك بمثل ذلك في آلاء الله؛ الأرض أشرفت عليها وهي مَدَرَة بالية، فقلت: لا تحيا أبدا، ثم أرسل ربك عز وجل عليها السماء، فلم تلبث عليك إلا أياما حتى أشرفت عليها وهي شربة واحدة، ولعمر إلهك؛ لهو أقدر على أن يجمعكم من الماء على أن يجمع نبات الأرض، فتخرجون من الأصواء ومن مصارعكم، فتنظرون إليه وينظر إليكم".
قال: قلت: يا رسول الله! وكيف نحن ملء الأرض وهو شخص واحد ننظر إليه وينظر إلينا؟! قال: "أنبئك بمثل ذلك في آلاء الله عز وجل، الشمس والقمر آية منه صغيرة، ترونهما ويريانكم ساعة واحدة، لا تضارون في رؤيتهما، ولعمر إلهك؛ لهو أقدر على أن يراكم وترونه من أن ترونهما ويريانكم، لا تضارون في رؤيتهما".
قلت: يا رسول الله! فما يفعل بنا ربنا عز وجل إذا لقيناه؟ قال: "تعرضون عليه بادية له صفحاتكم، لا تخفى عليه منكم خافية، فيأخذ ربك عز وجل بيده غرفة من الماء، فينضح قبلكم بها، فلعمر إلهك؛ ما تخطئ وجه أحدكم منها قطرة، فأما المسلم؛ فتدع وجهه مثل الريطة البيضاء، وأما الكافر؛ فتخطمه بمثل الحمم الأسود، ألا ثم ينصرف نبيكم صلى الله عليه وسلم ويفرق على أثره الصالحون، فيسلكون جسرا من النار، فيطأ أحدكم الجمر، فيقول: حس! يقول ربك عز وجل أو أنه ألا فتطلعون على حوض الرسول على أظمأ ناهلة قط رأيتها؛ فلعمر إلهك؛ ما يبسط أحد منكم يده؛ إلا وقع عليها قدح يطهره من الطوف والبول والأذى، وتحبس الشمس والقمر فلا ترون منهما واحدا".