وعن عقبة بن مالك الليثي رضي الله عنه؛ قال: «بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية، فأغارت على قوم، فشذ من القوم رجل، فأتبعه رجل من السرية شاهرًا سيفه، فقال الشاذ من القوم: إني مسلم! فلم ينظر فيما قال، فقتله، فنمي الحديث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال فيه قولًا شديدًا، فبلغ القاتل، فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب؛ إذ قال القاتل: والله ما قال الذي قال إلا تعوذًا من القتل. قال: فأعرض رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه وعمن قبله من الناس، وأخذ في خطبته. ثم قال أيضًا: يا رسول الله! ما قال الذي قال إلا تعوذًا من القتل. فأعرض عنه وعمن قبله من الناس، وأخذ في خطبته. ثم لم يصبر حتى قال الثالثة: والله يا رسول الله ما قال الذي قال إلا تعوذًا من القتل، فأقبل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم تعرف المساءة في وجهه، فقال: إن الله أبى على من قتل مؤمنًا (ثلاثًا) » .
رواه: الإمام أحمد، والنسائي، وأبو يعلى، والطبراني. قال الهيثمي:"ورجاله رجال الصحيح؛ غير بشر بن عاصم الليثي، وهو ثقة".
وعن ابن عمر رضي الله عنهما؛ قال: «بعث النبي صلى الله عليه وسلم محلم بن جثامة مبعثًا، فلقيهم عامر بن الأضبط، فحياهم بتحية الإسلام، وكانت بينهم إحنة في الجاهلية، فرماه محلم بسهم فقتله، فجاء الخبر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتكلم فيه عيينة والأقرع، فقال الأقرع: يا رسول الله! سن اليوم وغير غدًا. فقال عيينة: لا والله؛ حتى تذوق نساؤه من الثكل ما ذاق نسائي. فجاء محلم في بردين، فجلس بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ليستغفر له، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:"لا غفر الله لك ". فقام وهو يتلقى دموعه ببرديه، فما مضت له سابعة؛ حتى مات ودفنوه، فلفظته الأرض، فجاءوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فذكروا ذلك له، فقال:"إن الأرض تقبل من هو شر من صاحبكم، ولكن الله أراد أن يعظكم". ثم طرحوه»