وقد ذكر هذا الأثر ابن كثير في "تاريخه" عن عزرة بن قيس؛ قال:"خطبنا خالد بن الوليد رضي الله عنه، فقال: إن أمير المؤمنين عمر بعثني إلى الشام، فحين ألقى بوانيه بثنية وعسلا؛ أراد أن يؤثر بها غيري ويبعثني إلى الهند. فقال رجل من تحته: اصبر أيها الأمير! فإن الفتن قد ظهرت. فقال خالد: أما وابن الخطاب حي؛ فلا، وإنما ذاك بعده".
وروى ابن عساكر في "تاريخه" عن عزرة بن قيس: "أن رجلا قال لخالد بن الوليد رضي الله عنه: إن الفتن قد ظهرت. فقال: أما وابن الخطاب حي فلا؛ إنها إنما تكون بعده"، ثم ذكر بقيته بنحو ما تقدم في رواية أحمد والطبراني.
وروى: نعيم بن حماد في "الفتن"، وابن عساكر في "تاريخه"؛ عن عزرة بن قيس أيضا؛ قال:"قام رجل إلى خالد بن الوليد بالشام وهو يخطب، فقال: إن الفتن قد ظهرت. فقال خالد: أما وابن الخطاب حي فلا؛ إنما ذاك إذا كان الناس بذي بلى وذي بلى، وجعل الرجل يذكر الأرض ليس بها مثل الذي يفر إليها منه ولا يجده؛ فعند ذلك تظهر الفتن".
وروى ابن أبي شيبة عن طارق بن شهاب؛ قال:"جلد خالد بن الوليد رضي الله عنه رجلا حدّا، فلما كان من الغد؛ جلد رجلا آخر حدّا، فقال رجل: هذه والله الفتنة؛ جلد أمس رجلا في حد، وجلد اليوم رجلا في حد. فقال خالد: ليس هذه بفتنة، إنما الفتنة أن تكون في أرض يعمل فيها بالمعاصي، فتريد أن تخرج منها إلى أرض لا يعمل فيها بالمعاصي، فلا تجدها".
قوله:"بوانيه" أي: خيره وما فيه من السعة والنعمة. قاله ابن الأثير وابن منظور في "لسان العرب". قال ابن منظور:"ويقال: ألقى عصاه وألقى بوانيه".