عشر من الهجرة، وهذا الفتح ليس هو المذكور في الأحاديث التي تقدم ذكرها؛ لأن ذاك إنما يكون بعد الملحمة الكبرى، وقبل خروج الدجال بزمن يسير؛ كما تقدم بيان ذلك في عدة أحاديث من أحاديث هذا الباب، وكما سيأتي أيضا في حديثي معاذ وعبد الله بن بشر رضي الله عنهما، ويكون فتحها بالتسبيح والتهليل والتكبير لا بكثرة العدد والعدة؛ كما تقدم مصرحا به في غير ما حديث من أحاديث هذا الباب، ويكون فتحها على أيدي العرب لا أيدي التركمان؛ كما يدل على ذلك قوله في حديث عمرو بن عوف رضي الله عنه:«ثم يخرج إليهم روقة المسلمين أهل الحجاز، الذين لا تأخذهم في الله لومة لائم، حتى يفتح الله عليهم قسطنطينية ورومية بالتسبيح والتكبير» . وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه عند مسلم:«فيخرج إليهم جيش من المدينة من خيار أهل الأرض يومئذ» .
وفي حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما:«ويستمد المسلمون بعضهم بعضًا حتى يمدهم أهل عدن أبين» . وفي حديث ذي مخمر رضي الله عنه:«أن الروم يقولون لصاحبهم: كفيناك حد العرب، ثم يغدرون ويجتمعون للملحمة» . فدل هذا على أن الملحمة الكبرى تكون بين العرب والروم، والذين يباشرون القتال في الملحمة الكبرى هم الذين يفتحون القسطنطينية، وأمير الجيش الذي يفتحها في آخر الزمان عند خروج الدجال هو الممدوح هو وجيشه؛ كما تقدم ذلك في حديث عبد الله بن بشر الخثعمي عن أبيه رضي الله عنه، وتقدم في حديث أبي هريرة رضي الله عنه الذي رواه الخطيب في "المتفق والمفترق ": "أن أمير الجيش إذ ذاك من عترة النبي صلى الله عليه وسلم ".
والمقصود هاهنا التنبيه على أن الفتح المنوه بذكره في أحاديث هذا الباب لم يقع إلى الآن، وسيقع في آخر الزمان عند خروج الدجال، ومن حمل ذلك على ما وقع في سنة سبع وخمسين وثمانمائة؛ فقد أخطأ وتكلف ما لا علم له به. والله أعلم.