للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في آخر الزمان، القاص يعلم الناس العلم ثم يخالفهم إلى معاصي الله تعالى. قال: ثم أقبلت، حتى إذا انفرج بي السبيل؛ إذا أنا بعنز، وإذا بقوم قد أخذوا بقوائمها، وإذا رجل قد أخذ بقرنيها، وإذا رجل قد أخذ بذنبها، وإذا راكب قد ركبها، وإذا رجل يحتلبها. فقال: أما العنز؛ فهي الدنيا، والذين أخذوا بقوائمها يتساقطون من عيشها، وأما الذي قد أخذ بقرنيها؛ فهو يعالج من عيشها ضيقًا، وأما الذي أخذ بذنبها؛ فقد أدبرت عنه، وأما الذي ركبها؛ فقد تركها، وأما الذي يحلبها؛ فبخ بخ، ذهب ذلك بها. قال: ثم أقبلت، حتى إذا انفرج بي السبيل؛ إذا أنا برجل يمتح على قليب، كلما أخرج دلوه؛ صبه في الحوض، فانساب الماء راجعًا إلى القليب. قال: هذا رجل رد الله عليه صالح عمله فلم يقبله. قال: ثم أقبلت، حتى إذا انفرج بي السبيل؛ إذا أنا برجل يبذر بذرًا، فيستحصد؛ فإذا حنطة طيبة. قال: هذا رجل قبل الله صالح عمله وأزكاه له. قال: ثم أقبلت، حتى إذا انفرج بي السبيل؛ إذا أنا برجل مستلق على قفاه. قال: يا عبد الله! ادن مني؛ فخذ بيدي وأقعدني، فوالله؛ ما قعدت منذ خلقني الله تعالى، فأخذت بيده، فقام يسعى حتى ما أراه. فقال له الفتى: هذا عمر الأبعد نفد، وأنا ملك الموت، أمرني الله تعالى بقبض روح الأبعد في هذا المكان، ثم أصيره إلى نار جهنم. قال: ففيه نزلت الآية: {وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ} الآية.

رواه ابن أبي حاتم.

قال ابن كثير: "وهذا أثر غريب، وفي صحته نظر، وتنزيل الآية عليه وفي حقه؛ بمعنى أن الكفار كلهم يتوفون وأرواحهم متعلقة بالحياة الدنيا؛ كما جرى لهذا المغرور المفتون، ذهب يطلب مراده، فجاءه ملك الموت فجأة بغتة، وحيل بينه وبين ما يشتهي". انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>