وهذا الحديث والحديثان قبله لها حكم المرفوع؛ لأنه لا دخل للرأي في مثل هذا، وإنما يقال ذلك عن توقيف.
باب
ما جاء في ذهاب الخشوع من الناس
قد تقدم حديث حذيفة رضي الله عنه في ذلك.
وعن جبير بن نفير عن أبي الدرداء رضي الله عنه؛ قال: «كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فشخص ببصره إلى السماء، ثم قال:"هذا أوان يختلس العلم من الناس حتى لا يقدروا منه على شيء". فقال زياد بن لبيد الأنصاري رضي الله عنه: كيف يختلس منا وقد قرأنا القرآن؟ ! فوالله؛ لنقرأنه ولنقرئنه نساءنا وأبناءنا. قال:"ثكلتك أمك يا زياد! إن كنت لأعدك من فقهاء أهل المدينة، هذه التوراة والإنجيل عند اليهود والنصارى؛ فماذا تغني عنهم؟ !» . قال جبير: فلقيت عبادة بن الصامت، فقلت: ألا تسمع ما يقول أخوك أبو الدرداء؟ فأخبرته بالذي قال أبو الدرداء، قال: صدق أبو الدرداء، إن شئت لأحدثنك بأول علم يرفع من الناس: الخشوع، يوشك أن تدخل مسجد الجامع؛ فلا ترى فيه رجلًا خاشعًا.
رواه: الترمذي، والحاكم. وقال الترمذي: "هذا حديث حسن غريب". وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي في "تلخيصه".
وعن جبير بن نفير أيضًا؛ قال: قال عوف بن مالك الأشجعي رضي الله عنه: «إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نظر إلى السماء يومًا، فقال: "هذا أوان يرفع العلم". فقال له رجل من الأنصار يقال له: ابن لبيد: يا رسول الله! كيف يرفع العلم وقد أثبت في الكتاب ووعته القلوب؟ ! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن كنت لأحسبك من أفقه أهل المدينة.... (ثم ذكر ضلالة اليهود والنصارى على ما في أيديهم من»