الوجه الثالث: أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن الفرات يحسر عن جبل من ذهب؛ أي: ينكشف عنه لذهاب مائه، فيظهر الجبل بارزًا على وجه الأرض؛ وهذا لم يكن إلى الآن، وسيكون فيما بعد بلا ريب، وبحور البترول الأسود لم ينحسر الفرات عنها، وليست في مجرى النهر، وإنما هي في باطن الأرض، واستخراجها إنما يكون بالتنقيب عنها بالآلات من مسافة بعيدة في بطن الأرض.
الوجه الرابع: أن الذي جاء في الحديث الصحيح هو «حسر الفرات عن كنز من ذهب،» وفي الرواية الأخرى: «عن جبل من ذهب» ، وتخصيص الفرات بالنص ينفي أن يكون ذلك في غيره، ومن المعلوم أن بحور البترول ليست في نهر الفرات، وإنما هي في مواضع كثيرة في مشارق الأرض ومغاربها، وهي في البلاد العربية المجاورة للعراق أكثر منها في العراق.
الوجه الخامس: أن البترول من المعادن السائلة، والذي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بانحسار الفرات عنه هو الذهب المعروف عند الناس، وهو من المعادن الجامدة، ومن جعل المعدنين سواء؛ فقد ساوى بين شيئين مختلفين.
الوجه السادس: أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن الناس إذا سمعوا بانحسار الفرات عن جبل الذهب؛ ساروا إليه، فيكون عنده مقتلة عظيمة، يقتل فيها من كل مائة تسعة وتسعون، وهذا لم يكن إلى الآن، ومن المعلوم أن البترول الأسود قد وجد في العراق منذ زمان طويل، ولم يسر الناس إليه عند ظهوره، ولم يكن بسبب خروجه قتال ألبتة.
الوجه السابع: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى من حضر جبل الذهب أن يأخذ منه شيئًا، ومن حمله على البترول الأسود؛ فلازم قوله أن يكون الناس منهيين عن الأخذ منه، وهذا معلوم البطلان بالضرورة.