وقد ظهر مصداق هذه الأحاديث، فخرج الناس من دين الله أفواجًا، وعظمت الفتنة بالقبور في مشارق الأرض ومغاربها، واتخذ كثير منها أوثانًا تعبد من دون الله، وعظمت الفتنة أيضًا بالاشتراكية الشيوعية والحكم بالقوانين الوضعية؛ فإنا لله وإنا إليه راجعون.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تقوم الساعة حتى تضطرب أليات نساء دوس حول ذي الخلصة» . وكانت صنمًا تعبدها دوس في الجاهلية بتبالة.
رواه: الإمام أحمد، والشيخان.
وقد وقع الأمر طبق ما أخبر به رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث الصحيح، وعظم افتتان أهل تبالة ومن حولهم من القبائل بذي الخلصة، وأعادوا سيرتها الأولى في الجاهلية، حتى ظهر شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى، فدعا إلى التوحيد، وجدد ما اندرس من معالم الدين، وسعى في محو الشرك ووسائله وما يدعو إليه ويرغب فيه، فبعث إمام المسلمين في ذلك الزمان - وهو عبد العزيز بن محمد بن سعود رحمة الله تعالى عليه وعلى من كان السبب في إمامته - جماعة من المسلمين إلى ذي الخلصة، فخربوها، وهدموا بعض بنائها، وبقي بعضه قائمًا، وزال الافتنان بها في زمن ولاية النجديين على الحجاز، ولما زالت ولايتهم عن الحجاز؛ عاد الجهال إلى ما كانوا عليه من الافتنان بها، حتى ولي الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود على الحجاز وما حوله، فبعث عامله على تلك النواحي جماعة من المسلمين، فهدموا ما بقي من بنائها، ورموا بأنقاضها في الوادي، فعفى بعد ذلك رسمها، وانقطع أثرها، ولله الحمد والمنة، وذلك في سنة ألف وثلاثمائة وأربع وأربعين أو خمس وأربعين من الهجرة.