رسول الله، وقد قال الله تعالى:{وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى. إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} .
وليس التواتر في الأخبار عن المغيبات شرطًا لوجوب الإيمان بها كما قد زعم ذلك بعض أهل البدع ومن تبعهم من المتفقهة المقلدة وغيرهم من جهلة العصريين، بل كل ما صح سنده إلى النبي صلى الله عليه وسلم؛ فالإيمان به واجب، سواء كان متواترًا أو أخبار آحاد، وهذا قول أهل السنة والجماعة.
قال الإمام أحمد رحمه الله تعالى:"كل ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم بإسناد جيد؛ أقررنا به، وإذا لم نقر بما جاء به الرسول ودفعناه ورددناه؛ رددنا على الله أمره، قال الله تعالى:{وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} ".
الوجه الرابع: قد تقدم ما قاله الآبري والهيتمي والسفاريني والبرزنجي والشوكاني وصديق بن حسن في أحاديث المهدي أنها قد بلغت حد التواتر، وأنه لا معنى لإنكارها.
الوجه الخامس: أن ما ذهب إليه أبو عبية من كون المهدي رمزًا لانتصار دعوة الحق على نزعات الباطل وشروره مردود بأمور منصوص عليها في الأحاديث الصحيحة: منها: أن المهدي رجل من أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم وعترته. ومنها: أن اسمه يواطئ اسم النبي صلى الله عليه وسلم واسم أبيه يواطئ اسم أبي النبي صلى الله عليه وسلم. ومنها: أن خلقه يشبه خلق النبي صلى الله عليه وسلم. ومنها: وصفه بأنه أشم الأنف أقنى أجلى، وسيأتي تفسير هذه الصفات قريبًا إن شاء الله تعالى. ومنها: أنه يملك العرب. ومنها: أنه يملأ الأرض قسطًا وعدلًا كما ملئت جورًا وظلمًا.
وكل جملة من هذه الجمل الست كافية في رد ما ذهب إليه أبو عبية؛ فكيف وقد اجتمعت كلها على رد قوله الذي هو من تحريف الكلم عن مواضعه؟ .