يصح، ولو صح؛ لم يكن فيه حجة؛ لأن عيسى أعظم مهدي بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين الساعة. وقد دلت السنة الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم على نزوله على المنارة البيضاء شرقي دمشق، وحكمه بكتاب الله، وقتله اليهود والنصارى، ووضعه الجزية، وإهلاك أهل الملل في زمانه، فيصح أن يقال: لا مهدي في الحقيقة سواه، وإن كان غيره مهديًا؛ كما يقال: لا علم إلا ما نفع، ولا مال إلا ما وقى وجه صاحبه، وكما يصح أن يقال: إنما المهدي عيسى ابن مريم؛ يعني: المهدي الكامل المعصوم".
القول الثاني: أنه المهدي الذي ولي من بني العباس، وقد انتهى زمانه.
واحتج أصحاب هذا القول بما رواه أحمد في "مسنده": حدثنا وكيع عن شريك عن علي بن زيد عن أبي قلابة عن ثوبان؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا رأيتم الرايات السود قد أقبلت من خراسان؛ فأتوها ولو حبوًا على الثلج؛ فإن فيها خليفة الله المهدي» .
وعلي بن زيد قد روى له مسلم متابعة، ولكن هو ضعيف، وله مناكير تفرد بها، فلا يحتج بما ينفرد به.
وروى ابن ماجه من حديث الثوري عن خالد عن أبي أسماء عن ثوبان عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه، وتابعه عبد العزيز بن المختار عن خالد.
وفي "سنن ابن ماجه " عن عبد الله بن مسعود؛ قال: «بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ إذ أقبل فتية من بني هاشم، فلما رآهم النبي صلى الله عليه وسلم؛ اغرورقت عيناه، وتغير لونه، فقلت: ما نزال نرى في وجهك شيئًا نكرهه. قال: "إنا أهل بيت، اختار الله لنا الآخرة على الدنيا، وإن أهل بيتي سيلقون بلاء وتشريدًا وتطريدًا، حتى يأتي قوم من أهل المشرق، ومعهم رايات سود، يسألون الحق فلا يعطونه، فيقاتلون، فينصرون، فيعطون ما سألوا، فلا يقبلونه، حتى يدفعوها إلى رجل من»