ولقد أصبح هؤلاء عارًا على بني آدم، وضحكة يسخر منهم كل عاقل.
أما مهدي المغاربة محمد بن تومرت؛ فإنه رجل كذاب ظالم متغلب بالباطل، ملك بالظلم والتغلب والتحيل، فقتل النفوس، وأباح حريم المسلمين، وسبى ذراريهم، وأخذ أموالهم، وكان شرًا على الأمة من الحجاج بن يوسف بكثير، وكان يودع بطن الأرض في القبور جماعة من أصحابه أحياء، يأمرهم أن يقولوا للناس: إنه المهدي الذي بشر به النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يردم عليهم ليلًا؛ لئلا يكذبوه بعد ذلك، وسمى أصحابه الجهمية الموحدين نفاة صفات الرب وكلامه وعلوه على خلقه واستوائه على عرشه، ورؤية المؤمنين له بالأبصار يوم القيامة، واستباح قتل من خالفهم من أهل العلم والإيمان، وتسمى بالمهدي المعصوم.
ثم خرج المهدي الملحد عبيد الله بن ميمون القداح، وكان جده يهوديا، من بيت مجوسي، فانتسب بالكذب والزور إلى أهل البيت، وادعى أنه المهدي الذي بشر به النبي صلى الله عليه وسلم، وملك وتغلب، واستفحل أمره، إلى أن استولت ذريته الملاحدة المنافقون الذين كانوا أعظم الناس عداوة لله ولرسوله على بلاد المغرب ومصر والحجاز والشام، واشتدت غربة الإسلام ومحنته ومصيبته بهم، وكانوا يدعون الإلهية، ويدعون أن للشريعة باطنا يخالف ظاهرها، وهم ملوك القرامطة الباطنية أعداء الدين، فتستروا بالرفض والانتساب كذبا إلى أهل البيت، ودانوا بدين أهل الإلحاد وروجوه، ولم يزل أمرهم ظاهرًا، إلى أن أنقذ الله الأمة منهم ونصر الإسلام بصلاح الدين يوسف بن أيوب، فاستنقذ الملة الإسلامية منهم، وأبادهم وعادت مصر دار إسلام بعد أن كانت دار نفاق وإلحاد في زمنهم.