للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فاستتر مع قرينه إلى أن تجيء المدة التي قدر الله تعالى خروجه فيها".

قلت: وفي هذا الجمع نظر لا يخفى؛ فإن ابن صياد قد ولد في المدينة وكان أبوه وأمه من اليهود، وكان في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد قارب الحلم، ثم أسلم بعد ذلك، وولد له ابنان من خيار التابعين، ومن كانت هذه حاله؛ فليس بشيطان تبدى في صورة الدجال، وإنما هو آدمي قطعًا.

والأحسن في هذا أن يقال: إن ابن صياد دجال من الدجاجلة، وليس بالدجال الأكبر الذي يخرج في آخر الزمان؛ كما قرر ذلك الحافظ ابن كثير وغيره من المحققين. والله أعلم.

فصل

وقد قدح أبو عبية في حديث جابر الذي تقدم ذكره في أول الباب، وقرر عدم صحته بغير حجة يستند إليها، بل بمجرد رأيه وما تميل نفسه إليه من القدح في الأحاديث الصحيحة والغض من شأنها، ثم زعم في عنوان وضعه في (ص١٠٤) أن الأحاديث الواردة في ابن صياد مرويات مرفوضة لا تصدق عقلًا، وليس بمعقول صدورها عن الرسول عليه السلام، وقال في حاشية (ص١٠٤) : "إن ابن صياد خرافة على بعض العقول فعاشت قصتها في بعض الكتب منسوبة إلى الرسول ... " إلى آخر كلامه.

والجواب أن يقال: قد ورد في شأن ابن صياد أحاديث كثيرة، منها ما هو في "الصحيحين"، ومنها ما هو في أحدهما، ومنها ما رواه الإمام أحمد وغيره من الأئمة بأسانيد جيدة، وقد ذكرت من ذلك ما فيه كفاية في رد ما توهمه أبو عبية ومن على شاكلته من المخرفين الذين لا يعبؤون بالأحاديث الصحيحة ولا يقيمون لها وزنًا، ولا يرفض الأحاديث الواردة في ابن صياد وينفي صدورها عن

<<  <  ج: ص:  >  >>