للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا الحديث: "وإنه متى يخرج؛ فإنه سوف يزعم أنه الله، فمن آمن به وصدقه واتبعه؛ لم ينفعه صالح من عمله سلف، ومن كفر به وكذبه؛ لم يعاقب بشيء من عمله".

قال أبو عبية: "من مبادئ الإسلام المقررة أن من يعمل مثقال ذرة خيرا يره، ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره، ورد دعوة مدعي الألوهية أمر بدهي، لا يقتضي محو كل الذنوب وستر كل العيوب".

والجواب عن هذا من وجهين:

أحدهما: أن يقال: إن كلام أبي عبية هذا ظاهر في رد قول النبى صلى الله عليه وسلم ومعارضته بالشبهة التي رآها بعقله، ومن سلك هذا المسلك الذميم؛ فهو ممن يشك في تحقيقه لشهادة أن محمدا رسول الله؛ لأن معناها طاعته فيما أمر، وتصديقه فيما أخبر، واجتناب ما عنه نهى وزجر، وأن لا يعبد الله إلا بما شرع، وقد أخبر النبى صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث الصحيح أن من آمن بالدجال وصدقه لم ينفعه صالح من عمله سلف، ومن كفر به وكذبه لم يعاقب بشيء من عمله، والنبى صلى الله عليه وسلم لا يقول إلا الحق، فوجب الإيمان بقوله، وترك الاعتراض عليه بمجرد الآراء والتخرصات والظنون الكاذبة.

الوجه الثاني: أن فتنة الدجال هي أعظم فتنة تكون في الدنيا؛ كما سيأتي ذلك منصوصا عليه في عدة أحاديث صحيحة.

وروى الإمام أحمد، وأبو داود، والحاكم في "مستدركه"؛ عن عمران بن حصين رضي الله عنهما؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من سمع بالدجال؛ فلينأ عنه، فوالله؛ إن الرجل ليأتيه وهو يحسب أنه مؤمن، فيتبعه مما يبعث به من الشبهات» .

<<  <  ج: ص:  >  >>