وقال القاضي عياض رحمه الله تعالى في "شرح مسلم": "نزول عيسى عليه السلام وقتله الدجال حق وصحيح عند أهل السنة؛ للأحاديث الصحيحة في ذلك، وليس في العقل ولا في الشرع ما يبطله، فوجب إثباته، وأنكر ذلك بعض المعتزلة والجهمية ومن وافقهم، وزعموا أن هذه الأحاديث مردودة بقوله تعالى:{وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} ، وبقوله: صلى الله عليه وسلم: «لا نبي بعدي» ، وبإجماع المسلمين أنه لا نبي بعد نبينا صلى الله عليه وسلم، وأن شريعته مؤبدة إلى يوم القيامة لا تنسخ. وهذا استدلال فاسد؛ لأنه ليس المراد بنزول عيسى عليه السلام أنه ينزل نبيا بشرع ينسخ شرعنا، ولا في هذه الأحاديث ولا في غيرها شيء من هذا، بل صحت هذه الأحاديث هنا وما سبق في كتاب الإيمان وغيرها أنه ينزل حكما مقسطا؛ يحكم بشرعنا، ويحيي من أمور شرعنا ما هجره الناس". انتهى كلامه، وقد نقله النووي في "شرح مسلم" وأقره.
وقال القاضي عياض أيضا في الكلام على أحاديث الدجال:"هذه الأحاديث التي ذكرها مسلم وغيره في قصة الدجال حجة لمذهب أهل الحق في صحة وجوده، وأنه شخص بعينه، ابتلى الله به عباده، وأقدره على أشياء من مقدورات الله تعالى؛ من إحياء الميت الذي يقتله، ومن ظهور زهرة الدنيا والخصب معه، وجنته وناره، ونهريه، واتباع كنوز الأرض له، وأمره السماء أن تمطر فتمطر، والأرض أن تنبت فتنبت، فيقع كل ذلك بقدرة الله تعالى ومشيئته، ثم يعجزه الله تعالى بعد ذلك، فلا يقدر على قتل ذلك الرجل ولا غيره، ويبطل أمره، ويقتله عيسى صلى الله عليه وسلم، ويثبت الله الذين آمنوا. هذا مذهب أهل السنة وجميع المحدثين والفقهاء والنظار؛ خلافا لمن أنكره وأبطل أمره من الخوارج والجهمية وبعض المعتزلة". انتهى المقصود من كلامه، وقد نقله النووي في "شرح مسلم" وأقره.
وقال المناوي في "شرح الجامع الصغير": "أجمعوا على نزول عيسى