فجوابه أن يقال: قد تقدمت الأحاديث في صفة الدجال، وفيها أنه رجل قصير، أفحج، جعد، أعور، مطموس العين، ليست بناتئة ولا جحراء، وأنه مكتوب بين عينيه كافر، وأنه هجان، أزهر، كأن رأسه أصلة. وفي رواية أنه «هجان، ضخم، فيلماني، كأن شعره أغصان شجرة، كأن عينيه كوكب الصبح» .
وفي رواية:«إحدى عينيه قائمة كأنها كوكب دري» . و (الهجان) : الأبيض، و (الأزهر) : الأبيض المستنير. وفي رواية:«أنه رجل أحمر، جسيم، جعد الرأس، أعور العين اليمنى، أقرب شبها بابن قطن، وابن قطن رجل من خزاعة» .... إلى غير ذلك مما تقدم في أحاديث الدجال، وفيها أوضح دليل على أنه شخص من لحم ودم.
وفي حديث عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه قال: «ينزل عيسى عند صلاة الفجر، فإذا قضى صلاته؛ أخذ عيسى حربته، فيذهب نحو الدجال، فإذا رآه الدجال؛ ذاب كما يذوب الرصاص، فيضع حربته بين ثندوته، فيقتله» .
وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه الذي رواه مسلم في "صحيحه" أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "«ولكن يقتله الله بيده - أي: يد عيسى عليه الصلاة والسلام -، فيريهم دمه في حربته» .
وفي هذه الأحاديث أبلغ رد على أبي عبية فيما حاوله من إنكار خروج الدجال.
وأما قوله:"أم أنه رمز لانتشار الشر وشيوع الفتنة وضعف نوازع الفضيلة، تهب عليه ريح الخير المرموز إليها بعيسى عليه السلام، فتذهبه، وتقضي عليه، وتأخذ بيد الناس إلى محجة الخير ومنهج العدل والتدين".