غريب، من حيث جَعَل ضدَّ «تَعَجَّل» : «تأخَّر» ، وإنما ضدُّ «تعجَّل» : «تأنَّى» وضدُّ تأخَّر: تقدَّم، ولكنه في «تعجَّل» عَبَّر بالملزوم عن اللازم، وفي «تأخَّر» باللازم عن الملزومِ. وفيها من علم البيان: المقابلةُ اللفظية، وذلك أن المتأخِّرَ بالنَّفْر آتٍ بزيادةٍ في العبادة فله زيادةٌ في الأجر على المتعجِّل فقال في حقه أيضاً:{فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ} ليقابلَ قولَه أولاً: {فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ} ، فهو كقولِهِ:{وَجَزَآءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا}[الشورى: ٤٠] و {فَمَنِ اعتدى عَلَيْكُمْ فاعتدوا عَلَيْهِ}[البقرة: ١٩٤] .
وقرأ الجمهور {فلا إِثْمَ} بقطعِ الهمزةِ على الأصلِ، وقرأ سالم ابنَ عبد الله:«فلا اثمَ» بوصلِها وحَذْفِ ألفِ لا، ووجهُه أنه خَفَّف الهمزةَ بينَ بينَ فَقَرُبَتْ من الساكنِ فَحذَفَها تشبيهاً بالألف، فالتقى ساكنان: ألفُ لا وثاء «أثم» ، فَحُذِفت ألفُ «لا» لالتقاءِ الساكنين. وقال أبو البقاء:«ووجهُها أنَّه لمَّا خَلَطَ الاسمَ ب» لا «حَذَفَ الهمزةَ تشبيهاً لها بالألف» يعني أنه لمَّا رُكِّبت «لا» مع اسمها صارا كالشيء الواحد، والهمزةُ شبيهةُ الألف، فكأنه اجتمعَ ألِفان فَحُذِفَت الثانيةُ لذلك، ثم حُذِفَت الألفُ لِما ذكرْتُ لك.
قوله:{لِمَنِ اتقى} / هذا الجارُّ خبرُ مبتدأ محذوفٍ، واختلفوا في ذلك المبتدأ حَسَبَ اختلافِهم في تعلُّقِ هذا الجارِّ من جهةِ المعنى لا الصناعة فقيل: يتعلَّقُ من جهةِ المعنى بقولِه: {فلا إِثْمَ عَلَيْهِ} فتُقَدِّر له ما يَليقُ به أي: انتفاءُ الإِثمِ لِمَن اتَّقى. وقيل: متعلِّقٌ بقولِه: «واذكروا» أي: الذكرُ لمَنِ اتقى. وقيل: متعلِّق بقولِه: «غفورٌ رحيم» أي: المغفرة لمن اتقى. وقيل: