قوله تعالى:{شُرَكَآءَ الجن} : الجمهور على نصب «الجن» وفيه خمسة أوجه، أحدها: وهو الظاهر أنَّ «الجن» هو المفعول الأول، والثاني هو «شركاء» قُدِّم، و «لله» متعلِّق بشركاء. والجَعْل هنا بمعنى التصيير، وفائدةُ التقديم كما قالَه الزمخشري استعظامُ أن يُتَّخَذَ لله شريكٌ مَنْ كان مَلَكاً أو جنِّيَّاً أو إِنسِيَّاً ولذلك قُدِّم اسم الله على الشركاء «انتهى. ومعنى كونهم جعلوا الجن شركاء لله هو أنهم يعتقدون أنهم يخلقون من المضارِّ والحيَّات والسباع كما جاء في التفسير. وقيل: ثم طائفة من الملائكة يسمَّون الجن كان بعض العرب يعبدها.
الثاني: أن يكون» شركاء «مفعولاً أول و» لله «متعلقٌ بمحذوف على أنه المفعول الثاني، و» الجنّ «بدل من» شركاء «، أجاز ذلك الزمخشري وابن عطية والحوفي وأبو البقاء ومكي بن أبي طالب، إلا أنَّ مكِّيَّاً لمَّا ذَكَرَ هذا الوجهَ جَعَلَ اللامَ مِنْ» لله «متعلقةً بجَعَلَ فإنه قال:» الجنَّ مفعولٌ أولُ لَجَعَلَ و «شركاءَ» مفعولٌ ثانٍ مقدَّم، واللام في «لله» متعلقة بشركاء، وإن شِئْتَ جَعَلْتَ «شركاء» مفعولاً أول، والجن بدلاً من شركاء، و «لله» في موضع المفعول الثاني، واللام متعلقة بجعل «. قلت: بعد أن جعل» لله «مفعولاً ثانياً كيف يُتَصَوَّر أن يَجْعَلَ اللامَ متعلقةً بالجعلِ؟ هذا ما لا يجوز لأنَّه لما صار مفعولاً ثانياً تعيَّنَ تعلُّقُهُ بمحذوف على ما عرفته غيرَ مرة. قال الشيخ:» وما أجاوزه - يعني الزمخشري ومن ذُكِرَ معه - لا يجوز؛ لأنه يصِحُّ للبدل أن