قوله تعالى:{لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ} : هذا جوابٌ لِما تضمَّنه الميثاق من القسم. وقرأ أبو عمرو وابن كثير وأبو بكر بالياء جرياً على الاسم الظاهر وهو كالغائبِ وحَسَّن ذلك قولُه بعدَه:«فنبذوه» . والباقون بالتاء خطاباً على الحكاية تقديرُه:«وقلنا لهم» ، وهذا كقوله:{وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بني إِسْرَائِيلَ لاَ تَعْبُدُونَ}[البقرة: ٨٣] بالتاء والياء، وتقدَّم تحريره.
وقوله:{وَلاَ تَكْتُمُونَهُ} يَحتمل وجهين، أحدهما: واو الحال، والجملةُ بعدَها نصبٌ على الحال أي: لتُبَيِّنُنَّه غيرَ كاتمين. والثاني: أنها للعطف، وأنَّ الفعلَ بعدها مقسمٌ عليه أيضاً، وإنما لم يُؤكَّد بالنون لأنه منفيٌّ، تقول:«واللهِ لا يقومُ زيد» من غيرِ نونٍ. وقال أبو البقاء:«ولم يأتِ بها في» تكتمونه «اكتفاءً بالتوكيدِ في الأول لأنَّ» تكتمونَه «توكيدٌ» ، وظاهرُ عبارتِه أنه لو لم يكن بعدَ مؤكَّدٍ بالنونِ لزم توكيدُه، وليس كذلك لِما تقدَّم. وقوله:«لأنه توكيدٌ» يعني أنَّ نَفْيَ الكتمان عنهم من قوله: {لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ} ، فجاءَ قولُه:{وَلاَ تَكْتُمُونَهُ} توكيداً في المعنى.
واستحسن الشيخ هذا الوجهَ أعني جَعْلَ الواوِ عاطفةً لا حاليةً قال: «لأن هذا الوجه الأول يحتاج إلى إضمار مبتدأ بعد الواو حتى تصيرَ