قوله تعالى:{كَمَآ أُمِرْتَ} : الكافُ في محل النصب: إمَّا على النعتِ لمصدرٍ محذوفٍ، كما هو المشهورُ عند المعربين. قال الزمخشري:«أي: استقمْ استقامةً مثلَ الاستقامة التي أُمِرْتَ بها على جادَّة الحقِّ غيرَ عادلٍ عنها» ، وإمَّا على الحال من ضمير ذلك المصدر. واستَفْعَل هنا للطلب كأنه قيل: اطلبْ الإِقامةَ على الدين، قال:«كما تقول: استغفر، أي: اطلب الغفران» .
قوله:{وَمَن تَابَ مَعَكَ} في «مَنْ» وجهان أحدهُما: أنَّه منصوبٌ على المفعول معه، كذا ذكره أبو البقاء، ويصير المعنى: استقم مصاحباً لمَنْ تاب مصاحباً لك، وفي هذا المعنى نُبُوٌّ عن ظاهرِ اللفظ. الثاني: أنه مرفوعٌ، فإنه نسق على المستتر في «استقم» ، وأغنى الفصلُ بالجارِّ عن تأكيده بضميرٍ منفصل في صحةِ العطف، وقد تقدَّم لك هذا البحثُ في قوله {اسكن أَنْتَ وَزَوْجُكَ}[البقرة: ٣٥] وأنَّ الصحيحَ أنه من عطفِ الجمل لا من عطف المفردات، ولذلك قدَّره الزمخشري:«فاستقم أنت وليستقم مَنْ تاب» فقدَّر الرافعَ له فعلاً لائقاً برفعِه الظاهرَ.
وقرأ العامَّةُ {بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} بالتاء جرياً على الخطاب المتقدم.