قوله تعالى:{أَن لاَّ تعبدوا} : فيها أوجهٌ، أحدُها: أن تكون مخففةً من الثقيلة، و «لا تَعْبُدوا» جملةُ نهيٍ في محلِّ رفعٍ خبراً ل «أنْ» المخففةِ، واسمُها على ما تقرَّر ضميرُ الأمرِ والشأنِ محذوفٌ. والثاني: أنها المصدريةُ الناصبة، ووُصِلَتْ هنا بالنهي ويجوزُ أَنْ تكون «لا» نافيةً، والفعلُ بعدها منصوبٌ ب «أَنْ» نفسها، وعلى هذه التقادير ف «أَنْ» : إمَّا في محل جر أو نصب أو رفع، فالنصبُ والجرُّ على أنَّ الأصل: لأنْ لا تَعْبدوا، أو بأن لا تعبدوا، فلمَّا حُذِفَ الخافضُ جرى الخلافُ المشهور، والعامل: إمَّا «فُصِّلَتْ» وهو المشهور، وإمَّا «أُحْكِمَتْ» عند الكوفيين، فتكون المسألة من الإِعمال، لأن المعنى: أُحْكِمَتْ لئلا تَعْبدوا أو بأن لا تعبدوا أو فُصِّلَتْ لأنْ لا تعبدوا، أو بأن لا تعبدوا. وقيل: نصب بفعل مقدر تقديره ضَمَّن آيَ الكتابِ أن لا تعبدوا، ف «أنْ لا تعبدوا» هو المفعولُ الثاني ل «ضَمَّن» والأولُ قام مقام الفاعل.
والرفعُ فمِنْ أوجه، أحدها: أنها مبتدأٌ، وخبرُها محذوفٌ فقيل: تقديرُه: مِن النظر أن لا تعبدوا إلا اللَّه. وقيل: تقديره: في الكتابِ أن لا تعبدوا إلا اللَّهَ. والثاني: خبرُ مبتدأ محذوف، فقيل: تقديرُه: تفصيلُه أن لا تعبدوا إلا اللَّه. وقيل: تقديرُه: هي أن لا تعبدوا إلا اللَّه. والثالث: أنه مرفوعٌ على البدل من «آياته» قال الشيخ: «وأما مَنْ أعربه أنه بدل من لفظ» آيات «أو مِنْ