قولُه تعالى:{مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ} : حالان من «النبيين» . قيل: وهي حالٌ مقارنَةٌ، لأنَّ بعثَهم كان وقتِ البِشارة والنِّذارة. وفيه نظرٌ، لأنَّ البِشارةَ والنِّذارةَ بعدَ البعثِ. والظاهِرُ أنها حالٌ مقدَّرَةٌ. وقد تقدَّم معنى البشارة والنذارةِ في قولِهِ:{أَأَنذَرْتَهُمْ}[البقرة: ٦]{وَبَشِّرِ الذين آمَنُواْ}[البقرة: ٢٥] .
قوله:{مَعَهُمُ} هذا الظرفُ فيه وجهان، أحدُهما: أنه متعلقٌ بأنزلَ. وهذا لا بُدَّ فيه من تأويلٍ، وذلك أنه يلزَمُ من تعلُّقِهِ بأَنْزَلَ أن يكونَ النبيون مصاحِبين للكتابِ في الإِنزالِ، وهم لا يُوصَفُونَ بذلك لِعَدَمِهِ فيهم. وتأويلُهُ أنَّ المرادَ بالإِنزالِ الإِرسالُ، لأنه مُسَبِّبٌ عنه، كأنه قيل: وأرسلَ معهم الكتابَ فتصِحُّ مشاركتُهم له في الإِنزالِ بهذا التأويلِ. والثاني: أن يتعلَّقَ بمحذوفٍ على أنه حالٌ من الكتاب، وتكونُ حالاً مقدرةً أي: وأنزلَ مقدِّراً مصاحبتَه إياهم، وقدَّره أبو البقاء بقوله:«شاهداً لهم ومُؤَيِّداً» ، وهذا تفسيرُ معنىً لا إعرابٍ.
والألفُ واللامُ في «الكتاب» يجوزُ أَنْ تكونَ للعهدِ بمعنى أنه كتابٌ