قوله:{إِنَّ الذين كَفَرُواْ} : في خبرها ستةُ أوجهٍ، أحدها: أنه مذكورٌ وهو قولُه: «أولئك ينادَوْن» . وقد سُئِل بلال بن أبي بردة عن ذلك في مَحْكِيَّتِه فقال: لا أجدُ لها نفاذاً. فقال له أبو عمرو بن العلاء: إنَّه منك لقَريبٌ، أولئك ينادَوْن. وقد اسْتُبْعِدَ هذا من وجهَيْن، أحدُهما: كثرةُ الفواصلِ. والثاني: تقدُّمُ مَنْ تَصِحُّ الإِشارةُ إليه بقوله: «أولئك» ، وهو قولُه:{والذين لاَ يُؤْمِنُونَ} ، واسمُ الإِشارةِ يعودُ على أقربِ مذكورٍ.
والثاني: أنه محذوفٌ لفَهْمِ المعنى وقُدِّر: مُعَذَّبون، أو مُهْلَكون، أو معانِدون. وقال الكسائي:«سَدَّ مَسَدَّه ما تقدَّم من الكلامِ قبلَ» إنَّ «وهو قولُه: {أَفَمَن يلقى فِي النار} . قلت: يعني في الدلالةِ عليه والتقديرُ: يُخَلَّدون في النارِ. وسأل عيسى بن عمر عمرَو بن عبيدٍ عن ذلك فقال: معناه في التفسير: إنَّ الذين كفروا بالذكْرِ لَمَّا جاءهم كفروا به. فقدَّر الخبرَ مِنْ جنسِ الصلةِ. وفيه نظرٌ؛ من حيث اتحادُ الخبرِ والمخبرِ عنه في المعنى من غيرِ زيادةِ فائدةٍ نحو:» سيدُ الجاريةِ مالكُها «.
الثالث: أنَّ» الذين «الثانيةَ بدلٌ مِنْ» إنَّ الذين «الأولى، والمحكومُ به على البدلِ محكومٌ به على المبدلِ منه فيلزَمُ أَنْ يكونَ الخبرُ {لاَ يَخْفَوْنَ عَلَيْنَآ} . وهو منتزَعٌ من كلامِ الزمخشري.
الرابع: أنَّ الخبرَ قولُه: {لاَّ يَأْتِيهِ الباطل} والعائدُ محذوفٌ تقديره: لا يأتيه الباطلُ منهم نحو: السَّمْنُ مَنَوان بدرهم أي: مَنَوان منه. أو تكون أل عوضاً من