قوله:{أَن دَعَوْا} : في محلِّه خمسةُ اوجه، أحدها: أنه في محلِّ نصبٍ على المفعولِ مِنْ أجله. قاله أبو البقاء والحوفي، ولم يُبَيِّنا: ما العاملُ فيه؟ ويجوز أَنْ يكونَ العاملُ «تكاد» أو «تَحِزُّ» أو «هَدَّاً» أي: تَهِدُّ لأَنْ دَعَوْا، ولكنَّ شَرْطَ النصبِ فيها مفقودٌ وهو اتِّحادُ الفاعلِ في المفعولِ له والعاملِ فيه، فإن عَنَيَا أنه على إسقاطِ اللامِ - وسقوطُ اللامِ يَطَّرِدُ مع أنْ - فقريبٌ. وقال الزمخشري:«وأَنْ يكونَ منصوباً بتقديرِ سقوطِ اللام وأفضاءِ الفعلِ، أي: هدَّاً لأَنْ دَعَوْا، عَلَّلَ الخرورَ بالهدِّ، والهدِّ بدعاءِ الوَلَدِ للرحمن» . فهذا تصريحٌ منه بأنَّه على إسقاطِ الخافضِ، وليس مفعولاً له صريحاً.
الوجه الثاني: أَنْ يكونَ مجروراً بعد إسقاطِ الخافض، كما هو مذهبُ الخليلِ والكسائي.
والثالث: أنه بدلٌ من الضمير في «مِنْه» كقولِه:
٣٢٦ - ١- على حالةٍ لو أنَّ في القومِ حاتماً ... على جودِهِ لضَنَّ بالماءِ حاتِمِ
بجر «حاتم» الأخير بدلاً من الهاء في «جودِه» . قال الشيخ:«وهو بعيدٌ لكثرةِ الفصلِ بين البدلِ والمبدلِ منه بجملتين» .