قوله تعالى:{فانتقمنا} : هذه الفاءُ سببيَّة أي تسبِّب عن النكثِ الانتقامُ. ثم إنْ أريد بالانتقام/ نفسُ الإِغراق، فالفاء الثانية مفسِّرةٌ عند مَنْ يُثْبِتُ لها ذلك، وإلا كان التقدير: فأرَدْنا الانتقامَ.
قوله:{فِي اليم} متعلِّقٌ ب «أَغْرَقْناهم» . واليَمُّ: البحر. والمشهور أنه عربيٌّ. قال ذو الرمة:
وقال ابن قتيبة:«إنه البحر بالسُّريانية» . وقيل: بالعبرانيَّة، والمشهور أنه لا يتقيَّد ببحر خاص «. وقال الهروي في عربيَّته:» واليَمُّ: البحر الذي يقال له إساف، وفيه غرق فرعون «، وهذا ليس بجيد لقوله تعالى:{فَأَلْقِيهِ فِي اليم}[القصص: ٧] والمراد به نيلُ مِصْرَ، وهو غيرُ الذي غَرِق فيه فرعون.
قوله:» بأنهم «الباءُ للسببية أي: أغْرَقْناهم بسبب تكذيبهم بآياتنا، وكونِهم غافلين عن آياتنا. فالضمير في» عنها «يعودُ على الآيات. وهذا هو الظاهر. وبه قال الزجاج وغيره. وقيل: يجوز أن يكونَ على النقمة المدلولِ عليها بانتقمنا. ويُعْزى هذا لابن عباس، وكأن القائل بذلك تَخيَّل أن الغفلةَ عن الآيات عُذْرٌ لهم من حيث إن الغفلةَ ليست مِنْ كسب الإِنسان.