قوله تعالى:{وَمَا لَنَا لاَ نُؤْمِنُ} : «ما» استفهاميةٌ في محل رفع بالابتداء، و «لنا» جارٌّ ومجرورٌ خبرُه، تقديرُه: أيُّ شيء استقر لنا، و «لا نؤمن» جملة حالية. وقد تقدَّم نظيرُ هذه الآية والكلامُ عليها، وأنَّ بعضَهم قال: إنها حال لازمة لا يتمُّ المعنى إلا بها نحو: {فَمَا لَهُمْ عَنِ التذكرة مُعْرِضِينَ}[المدثر: ٤٩] ، وتقدَّم ما قلتُه فيه فأغنى ذلك عن إعادتِه. وقال الشيخ هنا:«وهي المقصودُ وفي ذكرِها فائدةُ الكلام، وذلك كما تقول:» جاء زيدٌ راكباً «لِمَنْ قال: هل جاء زيدٌ ماشياً أو راكباً؟ .
قوله:{وَمَا جَآءَنَا} في محلِّ» ما «وجهان، أحدهما: أنه مجرور نسقاً على الجلالة أي: بالله وبما جاءَنا، وعلى هذا فقوله:» من الحق «فيه احتملان، أحدُهما: أنه حالٌ من فاعل» جاءنا «أي: جاء في حال كونِه من جنسِ الحقِّ. والاحتمال الآخر: أن تكونَ» مِنْ «لابتداء الغاية، والمرادُ بالحقِّ الباري تعالى، وتتعلَّقُ» مِنْ «حينئذ ب» جاءنا «كقولك» جاءَنا فلانُ من عند زيد «، والثاني: أنَّ محلَّه رفعٌ بالابتداء، والخبر قوله:{مِنَ الحق} والجملةُ في موضع الحال، كذا قاله أبو البقاء ويصيرُ التقدير: وما لنا لا نؤمِنْ بالله