للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قولُه تعالى: {عَنِ المحيض} : مَفْعِلِ من الحَيْضِ، ويُراد به المصدرُ والزمانُ والمكانُ، تقولُ: حاضَتِ المرأَةُ تحيضُ حَيْضاً، ومَحِيضاً ومَحاضاً، فَبَنَوْه على مَفْعِل ومَفْعَل بالكسرِ والفتحِ.

واعلم أنَّ في المَفْعَل مِنْ يَفْعِل بكسر العينِ اليائيها ثلاثةَ مذاهبَ، أحدُها: أنه كالصحيح، فتُفْتَحُ عينُه مراداً به المصدرُ، وتُكْسَرُ مراداً به الزمانُ والمكانُ. والثاني: أَنْ يُتَخَيَّرُ بين الفتحِ والكسر في المصدرِ خاصةً، كما جاء هنا: المَحيضُ والمَحاضُ، ووجهُ هذا القول أنه كَثُر هذان الوجهان: أعني الكسر والفتح فاقتاسا. والثالث: أن يُقْتَصَرَ على السماع، فيما سُمِع فيه الكسرُ أو الفتحُ لا يَتَعَدَّى. فالمحيضُ المرادُ به المصدرُ ليس بمقيس على المذهبين الأول والثالث، مقيسٌ على الثاني. ويقال: امرأَةٌ حائِضٌ ولا يُقال: «حائِضَةٌ» إلا قليلاً، أنشدَ الفراء:

٩٥١ -. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ... كحائِضَةٍ يُزْنَى بها غيرِ طاهرِ

والمعروفُ أن النَّحويين فَرَّقوا بين حائض وحائضة: فالمجرد من تاء التأنيث بمعنى النَسَب أي: ذاتُ حيضٍ، وإنْ لم يكن عليها حَيْضٌ، والملتبسُ بالتاءِ لِمَنْ عليها الحَيْضُ في الحال، فيُحتمل أن يكونَ مرادُ الشاعرِ ذلك، وهكذا كلُّ صفةٍ مختصةٍ بالمؤنثِ نحو: طامِث ومُرْضِع وشبهِهما/.

وأصلُ الحَيْض السَّيَلانُ والانفجار، يُقال: حاضَ السيلُ وفاضَ، قال الفراء: «حاضَت الشَجرةُ أي: سالَ صَمْغُها» ، قال الأزهري: «ومن هذا

<<  <  ج: ص:  >  >>