قوله تعالى:{ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ} : قرأ حمزة والكسائي: «يكن» بالياء من تحت، «فتنتهم» نصباً، وابن كثير وابن عامر وحفص عن عاصم:«تكن» بالتاء من فوق، «فتنتُهم» رفعاً. والباقون بالتاء من فوق أيضاً، «فتنتهم» نصباً. فأمَّا قراءة الأخوين فهي أفصحُ هذه القراءات لإِجرائها على القواعد من غير تأويل، وستعرفه في القراءتين الأُخْرَيَيْن، وإعرابها ظاهر. وذلك أن «فتنتهم» خبر مقدم، و «أَنْ قالوا» بتأويل اسم مؤخر، والتقدير: ثم لم تكن فتنتهم إلا قولُهم، وإنما كانت أفصحَ لأنه إذا اجتمع اسمان، أحدهما: أعرفُ، فالأحسنُ جَعْلُه اسماً مُحَدَّثاً عنه والآخر خبراً حديثاً عنه، و «أَنْ قالوا» يشبه المضمر، والمضمر أعرف المعارف، وهذه القراءة جُعِل الأعرفُ/ فيها اسماً ل «كان» وغيرُ الأعرف خبرَها، ولم يؤنَّث الفعل لإِسناده إلى مذكر. وأما قراءة ابن كثير ومَنْ تبعه ف «فتنتُهم» اسمها، ولذلك أُنِّثَ الفعلُ لإِسناده إلى مؤنث. و «إلا أَنْ قالوا» خبرها، وفيه أنك جعلت غير الأعرف اسماً والأعرفَ خبراً، فليست في قوة الأولى.
وأمَّا قراءةُ الباقين ف «فتنتَهم» خبر مقدم، و «إلا أن قالوا» اسمٌ مؤخَّرٌ، وهذه القراءةُ - وإن كان فيها جَعْلُ الأعرفِ اسماً - كالقراءة الأولى، إلا أن