قوله:{إِلاَّ الذي فَطَرَنِي} : فيه أربعةُ أوجهٍ، أحدها: أنه استثناءٌ منقطع؛ لأنَّهم كانوا عبدةَ أصنامٍ فقط. والثاني: أنه متصلٌ؛ لأنه رُوِي أنهم كانوا يُشْرِكون مع الباري غيرَه.
الثالث: أَنْ يكونَ مجروراً بدلاً مِنْ «ما» الموصولة في قولِه: «ممَّا تعبدُون» قاله الزمخشريُّ. ورَدَّه الشيخ: بأنه لا يجوزُ إلاَّ في نفيٍ أو شبهه قال: «وغَرَّه كونُ براء في معنى النفي، ولا ينفعه ذلك لأنه موجَبٌ» . قلت: قد تأوَّل النحاةُ ذلك في مواضعَ من القرآن كقولِه تعالى: {ويأبى الله إِلاَّ أَن يُتِمَّ}[التوبة: ٣٢]{وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الخاشعين}[البقرة: ٤٥] والاستثناء المفرغُ لا يكونُ في إيجاب، ولكن لَمَّا كان «يأبى» بمعنى: لا يفعلُ، وإنها لكبيرة بمعنى: لا تَسْهُلُ ولا تَخِفُّ ساغ ذلك، فهذا مثلُه.