قوله تعالى:{حتى لاَ تَكُونَ} : يجوزُ في «حتى» أن تكونَ معنى كي، وهو الظاهرُ، وأن تكونَ بمعنى إلى، وأَن مضمرةٌ بعدَها في الحالين. و «تكونُ» هنا تامةٌ و «فتنةٌ» فاعلٌ بها، وأمَّا {وَيَكُونَ الدين للَّهِ} فيجوزُ أن تكونَ تامةً أيضاً، وهو الظاهرُ، ويتعلَّقُ «لله» بها، وأن تكونَ ناقصةً و «لله» الخبرَ، فيتعلَّقُ بمحذوفٍ أي: كائناً لله. و {إِلاَّ عَلَى الظالمين} في محلِّ رفعٍ خبرُ «لا» التبرئةِ، ويجوزُ أن يكونَ خبرُها محذوفاً تقديرُه: لا عدوانَ على أحد، فيكونُ «إلا على الظالمين» بدلاً على إعادةِ تكرارِ العامل. وهذه الجملةُ وإنْ كانَتْ بصورةِ النفي فهي في معنى النهي، لئلا يلزم الخُلْفُ في خبره تعالى، والعربُ إذا بالَغَتْ في النهي عن الشيء، أَبْرَزَتْه في صورةِ النفي المَحْضِ كأنه ينبغي ألاَّ يوجدَ البتةَ فَدَلُّوا على هذا المعنى بما ذكرْتُ لك، وعكسُه في الإِثباتِ إذا بَالَغُوا في الأمرِ بالشيءِ أبرزوه في صورة الخبرِ نحو:{والوالدات يُرْضِعْنَ}[البقرة: ١٧] وسيأتي.