للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله: {فَأَمَّا الإنسان} : مبتدأٌ، وفي خبرِه وجهان، أحدهما: وهو الصحيحُ أنَّه الجملةُ مِنْ قولِه «فيقولُ» كقولِه: {فَأَمَّا الذين آمَنُواْ فَيَعْلَمُونَ} [البقرة: ٢٦] كما تقدَّم بيانُه، والظرفُ حينئذٍ منصوبٌ بالخبر؛ لأنه في نيةِ التأخيرِ، ولا تمنعُ الفاءُ من ذلك، قاله الزمخشريُّ وغيرُه. والثاني: أنَّ «إذا» شرطيةٌ وجوابُها «فيقول» ، وقولُه «فأَكْرَمَه» معطوفٌ على «ابتلاه» ، والجملةُ الشرطيةُ خبرُ «الإِنسان» ، قاله أبو البقاء. وفيه نظرٌ؛ لأنَّ «إمَّا» تَلْزَمُ الفاءَ في الجملةِ الواقعةِ خبراً عَمَّا بعدها، ولا تُحْذَفُ إلاَّ مع قولٍ مضمر، كقولِه تعالى: {فَأَمَّا الذين اسودت} [آل عمران: ١٠٦] كما تقدَّم بيانُه، إلاَّ في ضرورةٍ.

قال الزمخشري: «فإنْ قلتَ بمَ اتَّصَلَ قولُه» فأمَّا الإِنسانُ «؟ قلت: بقولِه: {إِنَّ رَبَّكَ لبالمرصاد} فكأنَّه قيل: إنَّ اللَّهَ لا يريدُ من الإِنسانِ إلاَّ الطاعةَ، فأمَّا الإِنسانُ فلا يريد ذلك ولا يَهُمُّه إلاَّ العاجلةَ» . انتهى. يعني بالتعلُّقِ مِنْ حيثُ المعنى، وكيف عُطِفَتْ هذه الجملةُ التفصيليةُ على ما قبلَها مترتبةً عليه؟ وقوله: «لا يريد إلاَّ الطاعةَ» على مذهبِه، ومذهبُنا أنَّ اللَّهَ يريد الطاعةَ وغيرَها، ولولا ذلك لم يقعْ. فسُبحان مَنْ لا يُدْخِلُ في مُلْكِه ما لا يُريد. وإصلاحُ العبارةِ أَنْ يقولَ: إنَّ اللَّهَ يريدُ من العبدِ

<<  <  ج: ص:  >  >>