قوله تعالى:{القصاص فِي القتلى} : أي: بسببِ القتلى، و «في» تكون للسببية كقوله عليه السلام: «إنَّ امرأة دخلت النارَ في هرة» أي: بسببها. و «فَعْلَى» يَطَّرد أن يكون جمعاً لفَعِيل بمعنى مفعول وقد تقدَّم شيءٌ من هذا عند قولِه: {وَإِن يَأتُوكُمْ أسارى}[البقرة: ٨٥] .
قوله:{الحر بِالْحُرِّ} مبتدأٌ وخبرٌ، والتقديرُ: الحُرُّ مأخوذٌ بالحُرِّ، أو مقتولٌ بالحُرِّ، فَتُقَدِّر كوناً خاصاً حُذِفَ لدلالةِ الكلامِ عليه، فإن الباءَ فيه للسبب، ولا يجوزُ أن تقدِّره كوناً مطلقاً، إذ لا فائدةَ فيه لو قلت: الحُرَّ كائنٌ بالحر، إلا أنْ تُقَدِّر مضافاً، أي: قتلُ الحرِّ كائنٌ بالحر. وأجاز الشيخ أن يكونَ «الحُرُّ» مرفوعاً بفعلٍ محذوفٍ تقديرُه: يُقْتَلُ الحُرُّ بالحر، يَدُلُّ عليه قولُه:{القصاص فِي القتلى} فإنَّ القِصاصَ يُشْعِرُ بهذا الفعلِ المقدِّر، وفيه بَعْدٌ.
والقِصاص مصدرُ قاصَّهُ يُقاصُّه قِصاصاً ومُقَاصَّةً، نحو: قاتَلْتُهُ قِتالاً ومُقَاتَلَةً، وأصلُهُ من قَصَصْتُ الشيءَ اتَّبَعْتَ أثرَه، لأنه اتباعُ دمِ المقتول.
والحُرُّ وصفٌ، و «فُعْل» الوصف جَمْعُه على أفعال لا ينقاس، قالوا: حُرّ وأحرار، ومُرّ وأمرار، والمؤنثة حُرَّة، وجمعها على «حرائِر» محفوظُ أيضاً، يقال: حَرَّ الغلام يَحَرُّ حُرِّيَّةً.
قوله:{فَمَنْ عُفِيَ} يجوزُ في «مَنْ» وجهان، أحدُهما: أن تكونَ شرطيةً. والثاني: أن تكونَ موصولةً. وعلى كلا التقديرين فموضعُهما رفعٌ بالابتداء. وعلى الأول يكونُ «عُفِي» في محلِّ جزمٍ بالشرطِ، وعلى الثاني لا محلَّ له وتكونُ الفاءُ واجبةً في قولِه:«فاتِّباع» على الأول، ومحلُّها وما بعدها الجزمُ،