قوله تعالى:{إِنَّمَا النسياء} : في «النسِيْء» قولان أحدهما: أنه مصدرٌ على فَعِيل مِنْ أَنْسَأ أي أخَّر، كالنذير مِنْ أَنْذَر والنكير من أَنْكر. وهذا ظاهرُ قولِ الزمخشري فإنه قال:«النَّسيء تأخيرُ حرمةِ الشهرِ إلى شهر آخر» ، وحينئذٍ فالإِخبارُ عنه بقوله:«وزيادة» واضحٌ لا يَحْتاج إلى إضمار. وقال الطبري: النسيء بالهمز معناه الزيادة «. قلت: لأنه تأخير في المدة فيلزمُ منه الزيادة.
الثاني: أنه فَعِيل بمعنى مَفْعول، مِنْ نَسَأه أي أخَّره، فهو منسوءٌ، ثم حُوِّل مفعول إلى فعيل كما حُوِّل مفعول إلى فعيل، وإلى ذلك نحا أبو حاتم والجوهري. وهذا القول رَدَّه الفارسي بأنه يكون المعنى: إنما المؤخَّر زيادة، والمُؤَخَّر الشهر ولا يكون الشهرُ زيادةً في الكفر. وقد أجاب بعضهم عن هذا بأنه على حذف المضاف: إمَّا من الأول أي: إنما إنساءُ المُنْسَأ زيادة في الكفر، وإمَّا من الثاني أي: إنما المُنْسَأ ذو زيادة.
وقرأ الجمهور» النَّسيء «بهمزة بعد الياء. وقرأ ورش عن نافع» النَّسِيّ «بإبدال الهمزة ياءً وإدغام الياء فيها. ورُويت هذه عن أبي جعفر