قوله تعالى:{مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُؤْتِيهُ} : «أَنْ يؤتيَه» اسمُ كان و «لبشر» خبرُها. وقوله:{ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ} عطفٌ على «يؤتيه» ، وهذا العطفُ لازمٌ من حيث المعنى، إذ لو سكت عنه لم يَصِحَّ المعنى، لأنَّ الله تعالى قد أتى كثيرا من البشر الكتابَ والحكم والنبوة، وهذا كما يقولون في بعض الأحوال والمفاعيل: إنها لازمة، فلا غرو أيضاً في لزوم المعطوف، وإما بَيَّنْتُ لك هذا لأجل قراءةٍ سأذكرها. ومعنى مجيء هذ النفيَ في كلام العرب نحو:«ما كان لزيد أن يفعل» ونحوه نفيُ الكونِ والمرادُ نفيُ خبرِه، وهو على قسمين: قسمٍ يكونُ النفي فيه من جهة الفعل، ويُعَبَّر عنه بالنفي التام نحو هذه الآية، لأنَّ الله تعالى لا يُعْطي الكتابَ والحكم والنبوة لمَنْ يقولُ هذه المقالةَ الشنعاء، ونحوُه:{مَّا كَانَ لَكُمْ أَن تُنبِتُواْ شَجَرَهَا}[النمل: ٦٠]{وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ الله}[آل عمران: ١٤٥] ، وقسمٍ يكونُ النفي فيه على سبيل الانتقاء كقول أبي بكر «ما كان لابن أبي قحافة أن يقدَّم فيصلي بين يدي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» ، ويُعْرَفُ القسمانِ من السياق.