قوله تعالى:{هذا رَبِّي} : إنما ذكَّر اسم الإِشارة والمشار إليه مؤنث لأحد وجوه: إمَّا ذهاباً بها مذهب الكوكب، وإمَّا ذهابها مذهب الضوء والنور، وإمَّا بتأويل الطالع أو الشخص أو الشيء، أو لأنه لمَّا أخبر عنها بمذكر أُعْطِيَتْ حكمه، تقول: هند ذاك الإِنسان وتِيْكَ الإِنسان، قال:
فأشار إلى «نُعمى» وهي مؤنث إشارةَ المذكر لوَصْفِها بوَصْف الذكور أو لأن فيها لغتين التذكير والتأنيث، وإنْ كان الأكثرُ التأنيثَ فقد جمع بينهما في الآية الكريمة فأنَّثَ في قوله «بازغة» وذكَّر في قوله «هذا» . وقال الزمخشري:«جَعَل المبتدأَ مثلَ الخبر لكونهما عبارة عن شيء واحد كقولهم: ما جاءت حاجتك، ومَنْ كانت أمك، و {لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ}[الأنعام: ٢٣] وكان اختيارُ هذه الطريقة واجباً لصيانة الربِّ عن شبهة التأنيث، ألا تراهم قالوا في صفة الله: عَلاَّم، ولم يقولوا عَلاَّمة، وإن كان أبلغَ، احترازاً من علامة التأنيث» . قلت: هذا قريبٌ مما تقدَّم في قولي: إن المؤنث إذا أُخبر عنه بمذكر عومل معاملة المذكر نحو: «هند ذاك الإِنسان» . وقيل: لأنها بمعنى هذا النيِّر أو المرئيُّ.
قال الشيخ: «ويمكن أن يُقال: إن أكثر لغةِ الأعاجم لا يُفَرِّقون في