قوله تعالى:{مُسَوِّمِينَ} : كقوله: مُنْزَلين «. وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وعاصم بكسر الواو على اسم الفاعل، والباقون بفتحها على اسم المفعول. فأما القراءة الأولى فتحتمل أن تكون من السَّوْم وهو تَرْكُ الماشية ترعى، والمعنى أنهم سَوَّموا خيلَهم أي: أعطَوها سَوْمَها من الجري والجوَلان وتركوها كذلك كما يَفْعل مَنْ يَسِيمُ ماشِيتَه في المَرْعى، ويحتمل أن يكون من السَّوْمَة وهي العلامة، على معنى أنهم سَوَّموا أنفسهم أو خيلهم، ففي التفسير أنهم كانوا بعمائَم بيضٍ إلا جبريلَ فبعمامةٍ صفراء، وروُي أنه كانوا على خيل بُلْق. ورجَّح ابن جرير هذه القراءة بما وَرَد في الحديث عنه عليه السلام يوم بدر» تَسوَّموا فإنَّ الملائكة قد سَوَّمَتْ «.
وأما القراءة الثانية فواضحةٌ بالمعنيين المذكورين فمعنى السَّوْم فيها: أنَّ الله أرسلهم، إذ الملائكة كانوا مُرْسَلين مِنْ عندِ الله لنصرةِ نبيِّه والمؤمنين. حكى أبو زيد: سَوَّم الرجل خيلَه: أي أرسلها، وحكى بعضهم:» سَوَّمْتُ غُلامي «أي: أرسلْتُه، ولهذا قال أبو الحسن الأخفش:» معنى مُسَوَّمين: مُرْسَلين «. ومعنى السَّومةِ فيها أنَّ الله تعالى سَوَّمَهم أي: جَعَل عليهم علامَةً وهي العمائم، أو الملائكةُ جَعَلوا خيلَهم نوعاً خاصاً وهي البُلْق، فقد سَوَّموا خيلَهم.