قوله:{ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً} : في هذا الضميرِ قولان، أحدهما: أنه يعودُ للإِنسانِ. فإنْ أُريد غيرُ آدمَ فواضحٌ، ويكون خَلْقُه مِنْ سُلالةِ الطينِ خَلْقَ أصلِه وهو آدمُ، فيكونُ على حَذْفِ مضافٍ. وإن كان المرادُ به آدمَ فيكونُ الضميرُ عائداً على نَسْلِه أي: جَعَلْنا نَسْلَه فهو على حَذْفِ مضافٍ أيضاً. أو عاد الضميرُ على الإِنسانِ اللائقِ به ذلك، وهو نَسْلُ آدمَ، فلفظُ الإِنسانِ من حيث هو صالحٌ للأصلِ والفرعِ، ويعود كلُّ شيءٍ لِما يليقُ به. وإليه نحا الزمخشري.
قوله:{فِي قَرَارٍ} يجوزُ أَنْ يتعلَّقَ بالجَعْل، وأَنْ يتعلَّقَ بمحذوفٍ على أنه صفةٌ ل «نُطْفَة» . والقَرار: المستقَرُّ وهو مَوْضِعُ الاستقرارِ. والمرادُ بها الرَّحِمُ. ووُصِفَتْ ب «مَكِيْن» لمكانةِ التي هي صفةٌ المُسْتَقِرِّ فيها، لأحدِ معنيين: أمَّا على المجازِ كطريقٍ سائر، وإنما السائرُ مَنْ فيه، وإمَّا لمكانتِها في نفسِها لأنها تمكَّنَتْ بحيث هي وأُحْرِزَتْ.