قوله تعالى:{إِنَّكُمْ إِذاً لَّخَاسِرُونَ} : إذن حرفُ جوابٍ وجزاء، وقد تقدَّم الكلامُ عليها مُشْبعاً وخلافُ الناس فيها. وهي هنا معترضةٌ بين الاسم والخبر. وقد توهَّم بعضُهم فجعل «إذاً» هذه «إذا» الظرفية في الاستقبال نحو قولك: «أُلْزِمُك إذا جئتني» أي وقتَ مجيئك. قال:«ثم حُذِفَتِ الجملةُ المضافةُ هي إليها، والأصل: إنكم إذا اتبعتموه لخاسرون، فإذا ظرفٌ والعاملُ فيه» لخاسرون «، ثم حُذِفَتِ الجملةُ المضافُ إليها وهي اتبعتموه، وعُوِّضَ منها التنوين، فلما جيء بالتنوين وهو ساكنٌ التقى بمجيئه ساكنان هو والألفُ قبلَه، فحُذِفَت الألفُ لالتقاءِ الساكنين فبقي اللفظ» إذاً «كما ترى. وزم هذا القائل أن ذلك جائزٌ بالحَمْل على» إذا «التي للمضيّ في قولهم:» حينئذ «و» يومئذ «فكما أن التنوينَ هناك عوضٌ عن جملة عند الجمهور كذلك هنا. ورَدَّ الشيخ هذا بأنه لم يَثْبُتْ هذا الحكمُ ل» إذا «الاستقبالية في غير هذا الموضع فيحمل هذا عليه» . قلت: وهذا ليس بلازمٍ إذ لذلك القائلِ أنْ يقولَ: قَد وَجَدْتُ موضعاً غير هذا وهو قولُه تعالى: {إِنَّآ إِذاً لَّظَالِمُونَ}[يوسف: ٧٩] .
وقد رأيت كلام الشيخ شهاب الدين القرافي في قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا سألوه عن بيع الرُّطَب بالتمر فقال: أينقص الرُّطَبُ إذا جَفَّ؟ فقالوا: نعم. فقال: فلا إذن: أن «إذن» هذه هي «إذا» الظرفية، قال: كالتي في قوله تعالى: {إِذَا زُلْزِلَتِ الأرض}[الزلزلة: ١] فحُذِفَتِ الجملةُ، وذكره إلى آخره. وكنت لمَّا رأيته تعجَّبْتُ غاية العجب كيف يَصْدُر هذا منه حتى رأيته في كتاب