قوله:{يَلْتَقِيَانِ} : حالٌ من «البحرَيْنِ» وهي قريبةٌ من الحال المقدرةِ. ويجوز بتجوُّزِ أَنْ تكونَ مقارنَةً. و «بينهما بَرْزَخٌ» يجوز أن تكونَ جملةً مستأنفةً، وأَنْ تكونَ حالاً، وأَنْ يكونَ الظرفُ وحدَه هو الحالَ. والبَرْزَخ: فاعلٌ به وهو أحسنُ لقُرْبه من المفرد. وفي صاحبِ الحال وجهان، أحدُهما: هو «البحرَيْن» ، والثاني: هو فاعلُ «يَلْتقيان» ولا «يَبْغِيان» حالٌ أخرى كالتي قبلَها أي: مَرَجَهما غيرَ باغيَيْن، أو يلتقيان غيرَ باغيين، أو بينهما بَرْزَخٌ في حالِ عَدَمِ بَغْيهما. وهذه الحالُ في قوة التعليل؛ إذ المعنى: لئلا يَبْغِيا. وقد تَمَحَّل بعضُهم وقال: أصلُ ذلك لئلا يَبْغِيا، ثم حَذَفَ حرفَ العلة، وهو مُطَّرِدٌ مع «أَنْ» و «أَنَّ» ، ثم حُذِفَتْ «أَنْ» أيضاً وهو حَذْفٌ مُطَّرِد كقولِه تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ}[الروم: ٢٤] فلمَّا حُذِفَتْ «أَنْ» ارتفع الفعلُ، وهذا غيرُ ممنوعٍ، إلاَّ أنه يتكرَّرُ فيه الحَذْفُ، وله أَنْ يقولَ: قد جاء الحَذْفُ أكثرَ مِنْ ذلك فيما هو أَخْفَى من هذا، كما تقدَّم في {قَابَ قَوْسَيْنِ}[النجم: ٩] ، وكما سيأتي في قولِه:{وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ}[الواقعة: ٨٢] .