قوله تعالى:{تَفْتَؤُاْ} : هذا جوابُ القسم في قوله: «تاللَّهِ» وهو على حذفِ «لا» ، أي: لا تَفْتَأ، ويدلُّ على حَذْفها أنه لو كان مثبتاً لاقترن بلامِ الابتداء ونون التوكيد معاً عند البصريين، أو إحداهما عند الكوفيين وتقول:«واللَّهِ أحبُّك» تريد: لا أحبك، وهو من التورية فإن كثيراً من الناسِ مبادِرٌ ذهنَه إلى إثبات المحبة. و «تَفْتأ» هنا ناقصة بمعنى لا تزال فترفع الاسمِ وهو الضمير، وتنصِبُ الخبر وهو الجملة من قوله «تَذْكُرُ» ، أي: لا تزال ذاكراً له، يقال: ما فتىء زيدٌ ذاهباً. قال أوس بن حجر:
٢٨١٨ - فما فَتِئَتْ حتى كأنَّ غبارَها ... سُرادِق يومٍ ذي رياحٍ تُرَفَّعُ
وقال أيضاً:
٢٨١٩ - فما فَتِئَتْ خيلٌ تَثُوْبُ وتَدَّعي ... ويَلْحَقُ منها لاحِقٌ وتُقَطَّعُ
وعن مجاهد:«لا تَفْتُر» ، قال الزمخشري:«كأنه جعل الفُتوء والفُتور أخوين» .
وفيها لغتان: فَتَأَ على وزن ضَرَب، وأَفْتَأَ على وزن أكرم، وتكون تامةً بمعنى سَكَّن وأطفأ كذا قاله ابن مالك، وزعم الشيخ أنه تصحيف منه، وإنما هي هي «فَثَأ» بالثاء المثلثة. ورُسِمَتْ هذه اللفظةُ «تفتؤ» / بالواو والقياس «تفتأ» بالألف، ولذلك يُوْقَفُ لحمزة بالوجهين اعتباراً بالخط الكريم أو القياس.